Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.
Aller au contenu
Le Centre Marxiste-Léniniste d'Etudes, de Recherches et de Formation
الـشــرارة
من الشرارة يولد اللهيب
الشرارة، الأداة النظرية للمركز الماركسي ــ اللينيني
للدراسات و الأبحاث و التكوين
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
من أجل خط ثوري ماركسي ــــ لينيني
-
لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية
أهمية سلاح النظرية في بناء الحزب البلشفي
وقيادة الثورة الاشتراكية العظمى في روسيا
(سلسلة ملخصات ومقالات حول أهم النصوص اللينينية التي
ساهمت في بناء الحزب الاشتراكي الديموقراطي العمالي البلشفي الروسي)
المرحلة الأولى:1900-1912
سلسلة حلقات حول كتاب "المادية والمذهب النقدي التجريبي " لينين.
الحلقة الثانية
أمام الهجوم التحريفي و أنصاره، من أتباع ماخ و أفيناريوس و تلامذتهم الروس من أمثال بوجدانوف و بازاروف، الهجوم الذي استعمل قناع الماركسية، ليشن أخطر هجوم عليها استهدف المبادئ النظرية للماركسية (المادية الجدلية و المادية التاريخية)و أمام تلكؤ بليخانوف و آخرون، اللذين ما أن دبجوا بعض المقالات النقدية للتيار التحريفي الجديد، حتى أخلوا الساحة لأنصاره ليعبثوا فيها بترهاتهم و آرائهم الرجعية، و كان على لينين أن يتحمل عبئ المسؤولية التاريخية في التصدي للأطروحات الفلسفية التحريفية المتشدقة بالاكتشافات الجديدة للعلوم الطبيعية، و خاصة علم الفيزياء .
كان على لينين أن يقوم بتعميم مادي لكل ما أنتجته العلوم الحديثة للطبيعة خلال مرحلة تاريخية، أي منذ وفاة انجلز وإلى حدود صدور كتاب لينين "المادية والمذهب النقدي التجريبي". هكذا، و بعد نقد صارم للنقديين التجريبيين الروس، و أساتذتهم الأجانب، توصل لينين إلى الخلاصات التالية حول تحريفيتهم النظرية و الفلسفية:
يقول لينين بصدد هؤلاء:
"هناك تشويه ماكر أكثر فأكثر للماركسية، و تزوير ماكر أكثر فأكثر أيضا، من طرف مذاهب معادية للمادية، هذا ما يميز التحريفية المعاصرة، سواء في الاقتصاد السياسي أو في قضايا التكتيك، و في الفلسفة بشكل عام". "كل مدرسة ماخ و أفيناريوس تسير نحو المثالية". "إن أنصار ماخ يغوصون كلهم في وحل المثالية". "إنه لمن المستحيل ألا نميز أن ما يوجد خلف السكولاستيك و العرفانية للمذهب التجريبي النقدي، هو صراع أحزاب في الفلسفة، صراع، يترجم في آخر المطاف وجود اتجاهات و إيديولوجيات الطبقات المتعادية في المجتمع المعاصر".
"إن الدور الموضوعي، الدور الطبقي للمذهب النقدي التجريبي، يمكن اختزاله بالكامل في خدمة النزعة الإيمانية و الإيمانيين (رجعيون يفضلون الإيمان على العلم) و ذلك في صراعهم ضد المادية بشكل عام، و ضد المادية التاريخية بشكل خاص".
و يضيف لينين: "إن المثالية الفلسفية هي طريق الظلامية الدينية".
لقد فشلت ثورة 1905، و بذلك لم تتحقق الأهداف الأساسية للثورة، ونعني بها أن القيصرية لم يتم إسقاطها، و الفلاحون لم يستفيدوا من أراضي الإقطاعيين، كما لم يحقق العمال مطلب العمل 8 ساعات في اليوم، و بعد الفشل، قامت القيصرية الروسية بخنق القليل من الحريات السياسية التي انتزعتها الجماهير إبان الثورة.
هكذا لم تتغير الأسباب التي ولدت ثورة 1905، بل ظلت كاملة. أمام هذا الوضع، ظل البلاشفة على قناعتهم بإمكانية مجيئ انطلاق حركة ثورية جديدة، و كانوا يستعدون لها عبر محاولات جادة، من أجل إعادة تجميع قوى الطبقة العاملة. و بطبيعة الحال، ظل الهدف السياسي الأساسي هو نفسه كما هو خلال ثورة 1905، أي قلب النظام القيصري، إنهاء الثورة الديموقراطية البورجوازية و الانتقال إلى الثورة الاشتراكية. لقد ظل البلاشفة يبلورون شعاراتهم الثورية أمام الجماهير، و ذلك من قبيل:
جمهورية ديموقراطية، انتزاع أراضي الملاكين العقاريين الكبار، ويوم عمل من ثمان ساعات.
لقد كانت تكتيكات البلاشفة خلال الثورة( 1905) تدعو إلى الإضراب السياسي العام و الانتفاضة المسلحة، أما بعد فشل الثورة، و تأثير نتائجها السلبية، حيث تراجعت الحركة الثورية للجماهير، و دب الإحباط وسط الطبقة العاملة، و تعززت القوى المضادة للثورة، و أصبح لزاما ضرورة تغيير التكتيك الهجومي لصالح تكتيك دفاعي عبر إعادة تجميع القوى و تنظيم التراجع بعودة الأطر إلى العمل السري ضمن النشاط السري للحزب، مع أخذ بعين الاعتبار ضرورة الجمع بين العمل السري و العمل العلني داخل المنظمات الجماهيرية العلنية، و خاصة المنظمات العمالية .
لا يمكن إدراك خطورة الأوضاع، التي كان يعيشها البلاشفة آنذاك، دون إدراك وضعية خصومهم داخل الحزب، المناشفة، فعندما كان البلاشفة يدعون إلى التعلم من الدروس، و تنظيم عملية التراجع و الانتقال إلى العمل السري، بما يعني الحفاظ و تعزيز الجهاز السري للحزب، دون إغفال استغلال الإمكانيات القليلة المتاحة للعمل داخل المنظمات الجماهيرية لتعزيز علاقتهم بالجماهير، ظهرت من داخل المناشفة تيارات لا تؤمن بإمكانية عودة الانطلاقة الثورية، ومن تم دعوتها التصفوية لحل تنظيمات الحزب، و هي الظاهرة التي أطلق على أصحابها اسم التصفويين، اللذين حاربهم لينين و البلاشفة .
يقول لينين عن هذه الفترة:
"لقد عرفنا كيفية الاشتغال خلال سنوات طويلة قبل الثورة، فإنه ليس بدون سبب أن يقال عنا: صلب كالصخر. لقد شكل الاشتراكيون - الديموقراطيون حزبا بروليتاريا، الذي لن يترك نفسه يصاب باليأس نتيجة فشل هجوم عسكري أول، لن يفقد صوابه، ولن يمشي نحو المغامرات" (لينين "الأعمال المختارة" مجلد 1).
هكذا إذن، حافظ البلاشفة على التنظيم السري للحزب( الجهاز)، وعبره قيادة المنظمات الجماهيرية، مما سمح، بل، و ضمن للحزب إمكانية تطبيق خطه السياسي الصحيح، و من تم إعداد القوى لانطلاقة ثورية جديدة، و سيخوض الحزب صراعا سياسيا و إيديولوجيا، سواء من جهة اليمين (ضد التصفويين) اللذين اعتبرهم وكلاء البورجوازية اللبرالية داخل الحزب، وقام الحزب من خلال لقاء بباريس في دجنبر 1908 باتخاذ قرار طرد التصفويين من صفوفه، لكن المناشفة لم يخضعوا لقرار الحزب، فانزلقوا نحو الخيانة و التصفية، واقتربوا أكثر من حزب الكاديت، كما تخلوا عن البرنامج الثوري (لذلك سموا بالحزب العمالي لستولبين) و كان على رأس التصفويين كل من دان و أكسلرود و بتريسوف، و ساعدهم في مهامهم كل من تروتسكي و مارتوف و آخرون.
أما التيار الثاني الذي واجهه لينين و البلاشفة فقد عرف باسم الأوتزوفيين (من الروسية أوتوزفات و تعني استدعاء) و كان على رأس هذا التيار كل من بوجدانوف و لونتشرسكي و ألكسينسكي و بوكروفسكي و روبنوف و آخرون. لقد خاض هؤلاء جميعا صراعا حادا ضد لينين و ضد الخط اللينيني. لقد كان الأو تزوفيون يرفضون بشكل قاطع العمل في النقابات العمالية و الجمعيات الشرعية والبرلمان محاولين عزل الحزب عن الجماهير، محاولين التقوقع داخل التنظيم السري، معرضين الحزب للخطر، لأنه سيعدم أي غطاء شرعي لعمله. لم يكن الأتزوفيون يدركون أن استعمال الدوما (البرلمان الروسي) من طرف البلاشفة كان هدفه التأثير على الفلاحين، و فضح سياسة الحكومة القيصرية و حزب الكاديت، الذي كان يحاول كسب الفلاحين إلى جانبه.
لقد كان الأو تزوفيون يعرقلون تجمع القوى، و الاستعداد لانطلاقة ثورية جديدة، لقد كانوا كما قيل "تصفويون بالمقلوب". و عندما اجتمع المجلس الموسع لهيئة تحرير الجريدة البلشفية "بروليتاري"، الذي انعقد سنة 1909، أعلن إدانته للأوتزوفيين، و تم طردهم من المنظمة البلشفية.
هكذا كان التصفويون و الأوتزوفيون كما قيل، و في كل الأحوال، مجرد رفقاء طريق بورجوازيين صغار، صاحبوا في لحظة ما البروليتاريا و حزبها الثوري.
و قد عرفت هذه الفترة صراعا مريرا ضد تروتسكي، الذي كان يساند المناشفة التصفويين، فخلال هذه الفترة أطلق لينين على تروتسكي اسم "جودا الصغير". و بالفعل، فقد كان تروتسكي هو منظم "كتلة غشت" التي كانت تضم كل المجموعات و الاتجاهات المعادية للبلشفية، و التي توحدت ضد لينين و الحزب البلشفي (الأوتزوفيون و التصفويون)، فقد كان التروتسكيون يخفون موقفهم التصفوي بقناع الوسطية و التصالح، باعتبارهم خارج الأجنحة و الاتجاهات. هكذا، صح عليهم قول ستالين: "إن الوسطية مفهوم سياسي و إيديولوجية، هي أقلمة و إخضاع مصالح البروليتاريا لمصالح البورجوازية الصغيرة وسط حزب مشترك واحد. إن هذه الإيديولوجية غريبة عن، و منافية للينينية". (مسائل اللينينية- ستالين).
لم يكن تاريخ الصراع ضد الاقتصادويين و المناشفة و التروتسكيين و الأوتزوفيين و كل المثاليين في الفلسفة، كما هو الحال بالنسبة للنقديين التجريبيين، سوى تاريخ تشكل حزب ثوري من طراز جديد، حزب الثورة الاجتماعية و حزب دكتاتورية البروليتاريا.
وعند محطة 1912،عندما نضجت الظروف، بعدما اكتسب البلاشفة كل أسلحة بناء حزب ثوري من طراز جديد، التي وضع أسسها الإيديولوجية و النظرية كتاب "ما العمل"، و صاغ نظريتها التنظيمية كتاب "خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء"، و برنامجها التكتيكي الثوري كتاب "خطتا الاشتراكية الديموقراطية في الثورة الروسية" ،و دعم أسسها الفلسفية كتاب "المادية و المذهب النقدي التجريبي"، انعقدت الندوة الوطنية السادسة للحزب في مدينة براغ في يناير 1912، و قد تمثلت في هذه الندوة أكثر من 20 منظمة حزبية، و قد كانت الندوة بالفعل بمثابة مؤتمر للحزب، و كان من مهمتها، و من واجبها، تتويج كل الأعمال التي قام بها البلاشفة بقيادة لينين منذ 1900 و إلى حدود انعقاد الندوة، و هكذا توجت الندوة بطرد المناشفة و تأسيس الحزب العمالي الاشتراكي – الديموقراطي البلشفي .
لينين و كتاب "المادية و المذهب النقدي التجريبي"
بعد هزيمة ثورة 1905، أصبح لينين مبحوثا عنه، بل و مطاردا من طرف البوليس السياسي للنظام القيصري (الأوخرانا)، في البداية اختفى لينين في فلندا، و قد ساعده الرفاق الفلنديون على مغادرة البلاد إلى الخارج."مخاطرا بحياته، ماشيا على الجليد الذي ما زال رقيقا، وصل لينين إلى السفينة البخارية، التي كانت تتهيأ للذهاب إلى ستوكولهم، و التي كان قبطانها على علم بالأمر، و في لحظة ما، انشق الجليد تحت قدميه، "يا لها من موتة غبية" قالها لينين محدثا نفسه. لقد وجد صعوبة كبيرة للوصول إلى غاية السفينة، التي كانت ترسو بين الأرصفة. و في ستوكلهم انتظر بعض الأيام وصول كروبسكايا، التي بقيت في بترسبورغ، وذلك للذهاب إلى سويسرا، و في طريقهما إليها توقفا في برلين، و ذهبا لرؤية روزا لوكسمبورغ .. لقد كان لديهم الكثير مما يقال خاصة بعد الأحداث التي وقعت أخيرا" (انظر كتاب "لينين في جنيف" ص 130 ).
وصل لينين إلى جنيف في 7 يناير 1908 برفقة كروبسكايا. عند حديثه عن المرحلة الستولبينية يقول لينين:
"سنوات الرجعية 1907 – 1910" لقد انتصر القيصر، و قد تم سحق كل الأحزاب الثورية، أو أحزاب المعارضة، وهن، هبوط معنويات، انشقاقات، إفلات بالجلد، ردة، بورنوغرافيا بدل السياسة، اتجاه متسارع نحو المثالية الفلسفية، نزعة روحانية، التي تستخدم كقناع للروح المعادية للثورة" (لينين، "الأعمال،" باريس-موسكو، مجلد 31، ص21 ).
عند قراءته لكتاب "محاولات في الفلسفة الماركسية" صرخ لينين غاضبا:
"لا ليس هذا بماركسية! إنهم يغرقون في مستنقع النقدية التجريبية و التجريبية الواحدية و التجريبية الرمزية"( مجلد 47، ص.ص 142.143، الطبعة الخامسة الروسية) .
لقد أصبح لزاما التصدي لهذا المذهب النقدي التجريبي، باعتباره أحد منوعات التحريفية على المستوى الفلسفي، و كان مرة أخرى على لينين أن يتحمل هذه المسؤولية التاريخية في دحض التجريبية النقدية، كما فعل سابقا مع الاقتصادوية الاتجاه التحريفي الآخر، الذي انتشر نهاية القرن 19، بداية القرن 20 داخل الحركة الاشتراكية – الديموقراطية الروسية (انظر في هذا الصدد كتاب "ما العمل" و مشروع "الإسكرا" اللينيني، اللذان ساهما في هزم "الاقتصادوية").
لقد بدأ لينين يشتغل على كتابه "المادية و المذهب النقدي التجريبي " في فبراير 1908، و يقول لينين في هذا الصدد بالنسبة لهذه الفترة:
"لقد أهملت الجريدة بسبب إدماني الفلسفي ..." "... أقرأ على امتداد اليوم هؤلاء المنحوسين الماخيين ..." مجلد 34، ص.ص 401. 405.
في سياق إعداده لمادة الكتاب، لم يكتف لينين بالعمل في جنيف، بل انتقل في ماي من نفس السنة إلى انجلترا لدراسة وثائق مكتبة المتحف البريطاني. لقد استعمل لينين أكثر من 200 مجلد و مقال، بما فيها أعمال بالإنجليزية و الفرنسية و الألمانية. يقول لينين في مراسلة مع أخته، خلال صيف نفس السنة:
"لقد اشتغلت كثيرا حول الماخيين، و أظن أنني قمت بتحليل كل تفاهاتهم، التي لا يمكن إنكارها (و كذلك نفس الشيء بالنسبة للتجريبية الواحدية)" لينين، مجلد 55، ص، 252، طبعة روسية.
انتهى لينين من كتابة مؤلفه "المادية و المذهب النقدي التجريبي " في أكتوبر 1908، و في نونبر 1908، أرسل لينين مخطوطه إلى روسيا، و بالضبط إلى أحد أصدقاء عائلة أوليانوف، الطبيب ف. ليفيتسكي، و بفضل مجهودات أخته أوليانوفا، و كذلك إليزاروفا، تم التوصل إلى إيجاد ناشر، وهكذا نشر كتاب لينين في ماي 1909 في موسكو، و صدرت منه ألفين نسخة.
إن كتاب "المادية و المذهب النقدي التجريبي " هو الكتاب الفلسفي الرئيسي للينين، وقد لعب دورا بارزا في المعركة الإيديولوجية، التي خاضها البلاشفة ضد النقديين التجريبيين، واضعا بذلك الأسس النظرية و الفلسفية لمبادئ الحزب الماركسي الثوري، مساهما في هذه السنوات السوداء في إعادة تجميع قواه و تعزيز ذاته، استعدادا للمعارك المقبلة. وقد لعب هذا الكتاب دورا هاما في تكوين الأطر الشيوعية على الصعيد العالمي، و اليوم لا زال يحتفظ براهنيته، و لا يستطيع أي ماركسي – لينيني حقيقي تجاهله و الاستغناء عنه، إن هو أراد تأكيد انتمائه إلى الماركسية – اللينينية، و ليس لقشورها.
علي محمود
17 – 1 – 2019