Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.
Aller au contenu
Le Centre Marxiste-Léniniste d'Etudes, de Recherches et de Formation
الـشــرارة
من الشرارة يولد اللهيب
الشرارة، الأداة النظرية للمركز الماركسي ــ اللينيني
للدراسات و الأبحاث و التكوين
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
من أجل خط ثوري ماركسي ــــ لينيني
-
دفاتر "قوموا بالتحقيقات ولا تنطقوا بالحماقات"
الجزء الثاني
الحزب الشيوعي الصيني من التأسيس
إلى القواعد الثورية ومناطق السلطة السياسية الحمراء
الحلقة الثالثة
6 ــ المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية الثالثة (موسكو، 22 يونيو ــ 12 يوليوز 1921) و"مسألة الشرق"
7 ــ المؤتمر الأول للمنظمات الشيوعية والثورية للشرق الأقصى (موسكو، يناير 1922)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6 ــ المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية الثالثة (موسكو، 22 يونيو ــ 12 يوليوز 1921) و"مسألة الشرق"
لسنا هنا بصدد طرح تحليل لخط الأممية الشيوعية في تعاطيها مع"المسألة الوطنية والكولونيالية"، بقدر ما نعمل فقط على عرض وتقديم هذا الخط وتطوراته منذ بداية تبلوره خلال المؤتمر الثاني للأممية (أنظر الحلقة الثانية من هذا الجزء الثاني). كذلك نعمل على إبراز مختلف وجهات النظر التي كانت تخترق الأممية، وكذا الخلاصات العامة التي انتهت إليها نقاشاتها الداخلية، اعتمادا في هذا على وثائق الأممية نفسها.
خلال المؤتمر الثالث إذن، تم تناول "المسألة الوطنية والكولونيالية" تحت عنوان "مسألة الشرق"، ودار حولها النقاش يوم 12 يوليوز، في النقطة التاسعة من جدول الأعمال.
حضر هذا المؤتمر فيما يخص البلدان المستعمرة، والشبه المستعمرة و بلدان الشرق بشكل عام، 23 بلدا وبمشاركة 76 من المؤتمرين. وبالنسبة للصين التي تخصنا في هذا الشأن، فقد حضر عضوين، الأول من الحزب الشيوعي الصيني الذي كان في هذه الفترة قيد التأسيس (يوليوز 1921)، وهو "شانغ تاي لي" وعضو آخر من الشبيبة.
في جلسة 23 يونيو، تم تعيين عضوين من مؤتمري هذه البلدان بسكرتارية المؤتمر، وهما "سومياتسكي" (وهو رئيس تحرير النشرة الدعائية: "شعوب الشرق الأقصى" التي يصدرها "المكتب الدعائي لشعوب الشرق الأقصى" الذي أسسه الحزب الشيوعي الروسي لسبيريا ب "إيركوتسك") عن الشرق الأقصى، و "سلطان سادي" عن الشرق المتوسط.
لن نعرض كل ما جاء في مداخلات المؤتمرين في جلسة النقاش التي جرت في يوم 12 يوليوز، إلا تلك المتعلقة بالمسألة التي حددناها سابقا، كون العديد من المداخلات كانت تخوض في تحليل الوضع السياسي العام الذي يخص هذا البلد أو ذاك.
ما يمكن تسجيله إذن، من خلال جلسة النقاش المخصصة ل "مسألة الشرق"، هو احتجاج "روي" (الهند) بشدة على الطريقة التي بها تعامل المؤتمر مع "المسألة الوطنية والكولونيالية"، حيث أشار إلى الإهمال الكبير لهذه المسألة خلال النقاش العام (سانده في هذا الأمر مؤتمر جنوب إفريقيا "إيفون جونس" الذي نادى بضرورة تطبيق أطروحات المؤتمر الثاني والتي اعتبرها هامة وكاملة). بالنسبة ل "روي" دائما، فجلسة "اللجنة الكولونيالية" ليوم 11 يوليوز لم تكن لها أية أهمية، حيث أن المؤتمرين "الغربيين" تغيبوا عن الحضور والمشاركة فيها. كما أنه خلال الجلسة تقرر عدم طرح أي قرار، أو حل أو طرح نظري للمسألة "الكولونيالية"، ليطالب بعدها بضرورة خلق لجنة فعلية وحقيقية تعنى بهذه المسألة. كما رفض المشاركة في النقاش بسبب الوقت القصير الذي خصص لها. وخلص "روي" إلى التأكيد على أن موقف المؤتمر (الثالث) هو أسوء من مواقف الأممية الثانية بخصوص المسألة "الكولونيالية".
ممثل الحزب الشيوعي الصيني تحدث عن الخطر الذي تشكله الإمبريالية اليابانية بالنسبة للبروليتاريا عالميا وبالنسبة للاتحاد السوفياتي، وأن الصين قد تسقط تحت الاستعباد الياباني. ثم انتقل إلى الحديث عن الوضع الداخلي الصيني، تحديدا عن حركة الطلبة وحركة ما أسماها ب "البروليتاريا الرثة" (lumpenproletariat)، وأكد على ضرورة قيادة هاتين الحركتين في اتجاه أهداف صحيحة. فالفلاحون الفقراء بالنسبة له، هم يمثلون القطاع الريفي ل "البروليتاريا الرثة".
مؤتمر فرنسا ("جوليان")، وبعد أن شارك "روي" رأيه الاحتجاجي على الطريقة التي بها تعامل المؤتمر الثالث مع المسألة "الوطنية والكولونيالية" ("مسألة الشرق")، قدم تحليلا عن مختلف خصائص ومختلف بنيات الرأسمالية في الشرق وفي الغرب، وكذا مختلف البنيات الاجتماعية في البلدان التي يسيطر عليها الاستعمار. وذكر بأنه في كل البلدان المستعمرة، هناك طبقة تنتفع وتنتعش مصالحها الملموسة بسبب تقاربها من الرأسماليين الإمبرياليين: علاقة الملاكين العقاريين الفيوداليين مع الإمبريالية، في حين هناك طبقات أخرى تشارك حتما وبالتزام في النضال ضد الإمبريالية: البرجوازية الصغيرة والمثقفون، وهم مرتبطون بالطبقة العاملة، وأكد جوليان على ضرورة الوحدة في النضال. يقول "جوليان"، أن الثورة الروسية منحت للثورة ضد الاستعمار هدفا محددا وطرحت الحل في السوفييتات. فالثورة الشيوعية في الشرق، هي ضرورية لانتصار الثورة العالمية، ومن الواجب التنسيق بين الحركة الشيوعية وحركات المستعمرات. ثم أشار إلى أن قضايا الشيوعية في البلدان المستعمرة ليست بعد على جدول الأعمال الحالي، وأن القضية الراهنة تكمن في تكليف الأحزاب الشيوعية بلعب دور الموجه للحركات الوطنية.
خارج هذه الجلسة، تم التعاطي كذلك مع "مسألة الشرق" خلال النقاشات التي تخللت المؤتمر، حيث جاء في مداخلة "روي" ليوم 24 يونيو، في إطار النقاش حول الوضع الاقتصادي الدولي الذي كان تروتسكي قد قدم تقريرا حوله في يوم 23 يونيو، طرح ضرورة تعميق تحليل القضايا الاقتصادية بالمستعمرات وعلاقات "المراكز" بها، ودور المستعمرات في الاقتصاد الإنجليزي، كما اقترح إضافة، ضمن أطروحات الوضع الاقتصادي، جزء حول دور المستعمرات في السياسة الاقتصادية للإمبريالية. وكان رد تروتسكي ما مفاده أن رأسمالية المستعمرات، والتي قد تكون محدِدة في بعض البلدان المستعمَرة، هي عموما تلعب دورا صغيرا وضيقا في الأسواق الدولية.، وأن البروليتاريا وحدها يمكن أن تكون الأساس ونواة نضالات الفلاحين في المستعمرات.
هناك كذلك التقرير الذي قدمه لينين حول تكتيك الحزب الشيوعي الروسي (في 5 يوليوز)، حيث جاء أن الثورة في المستعمرات ستلعب دورا حاسما أكثر فأكثر في الثورة العالمية. وأنه هناك بالفعل صعوبات، إلا أن جماهير العمال والفلاحين بالمستعمرات هم في الطريق ليصبحوا عنصرا تاريخيا حاسما. ولمعرفة المزيد بهذا الشأن، يمكن الرجوع إلى "أطروحات حول الوضع الدولي ومهام الأممية الشيوعية ل 4 يوليوز، وأطروحات حول تكتيك الحزب الشيوعي الروسي ل 12 يوليوز، ونداء اللجنة التنفيذية للأممية الموجه للأحزاب البروليتارية، والذي من خلاله دعت اللجنة التنفيذية، على ضوء مؤتمر "باكو" السابق في 1920، إلى عقد مؤتمر "شعوب الشرق الأقصى".
كان هذا بتركيز شديد، ما جاء حول "مسألة الشرق" خلال المؤتمر الثالث للأممية، والملاحظ أنه لم تكن هناك خلاصات رسمية بشأن هذه المسألة، أو تطوير، أو تعميق للأطروحات اللينينية السابقة التي تبناها المؤتمر الثاني للأممية حولها.
قبل انعقاد مؤتمر "شعوب الشرق الأقصى" الذي دعت اللجنة التنفيذية للأممية إلى عقده، تم تشكيل خلال جلستها ل 25 دجنبر (1921)، لجنة لأجل "مؤتمر شعوب الشرق"، وهي تتكون من "سافاروف"، "راديك"، تريليسير" و "زينوفيف"، وهي اللجنة التي سيطرأ على تشكيلتها تغيير يوم 10 يناير 1922، حيث نجد كلا من "براندلر"، "بيلا كون"، "جورالسكي" إلى جانب "زينوفيف" و "سافاروف" الذي كلف رسميا من طرف اللجنة التنفيذية للأممية في جلسة 10 أكتوبر 1921 بمسألة الشرق المتوسط وآسيا الوسطى (تم تعويض كل من"راديك" و "تريليسير"، هذا الأخير كان قد كلف سابقا خلال جلسة اللجنة التنفيذية ل 19 يوليوز 1921 بتهيئ تقرير كتابي يتعلق بالشرق الأقصى وبكيفية تنظيمه).
7 ــ المؤتمر الأول للمنظمات الشيوعية والثورية للشرق الأقصى (موسكو، يناير 1922)
لقد جاء مؤتمر "المنظمات الشيوعية والثورية للشرق الأقصى" الذي نادى المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية بضرورة عقده، سنة ونصف بعد الأطروحات اللينينية التي تبناها المؤتمر الثاني للأممية حول "المسألة الوطنية والكولونيالية" (بالإضافة طبعا لأطروحات "روي")، وكذلك بعد الأطروحات التي تمت بلورتها وتبنيها خلال "المؤتمر الأول لشعوب الشرق" في "باكو" بين 1 و 8 شتنبر 1920 (انظر الحلقة الثانية من هذا الجزء). ومع ذلك سنلاحظ أنه بعد كل هذا، لم تحسم هذه المسألة وسط مختلف القوى والأحزاب الشيوعية، بل استمرت موضوع جدال واختلاف، خصوصا مع تطور الصراعات الوطنية والطبقية في المستعمرات وشبه المستعمرات، ومع التقدم في عملية بناء الأحزاب الشيوعية بهذه البلدان. كما أنه لم يتم تحديد أي خط نظري، سياسي و استراتيجي ل "مسألة الشرق" في المؤتمر الثالث للأممية، والذي قد ترتكز عليه هذه القوى والأحزاب الشيوعية في نضالها بهذه البلدان. وللتذكير، فقد كانت هناك الموضوعات التي تبناها مؤتمر "باكو" "لشعوب الشرق" في شتنبر 1920، بالإجماع، والتي نجد من بينها موضوعات "بيلا كون" التي دعت إلى أن تكون الطبقة الفلاحية هي العنصر السائد والقائد ل "سوفييتات شعوب الشرق" ("ديكتاتورية الفلاحين الفقراء")، وأنه ليس بالضرورة لهذه الشعوب المرور بمرحلة الديمقراطية البرجوازية. ونجد كذلك موضوعات "ستاشكو" التي دعت طبقة الفلاحين إلى الإطاحة بالحكم الاستبدادي والاستيلاء على الحكم ووضعه بيد سوفييتات الفلاحين.
وقبل هذه الموضوعات التي تم تبنيها بالإجماع، كانت هناك الأطروحات التي بلورها لينين وتبنتها الأممية الشيوعية في مؤتمرها الثاني، والتي يمكن تلخيصها بكل تركيز فيما يلي:
ــــ التأكيد على الارتباط الوثيق بين روسيا السوفياتية وجميع حركات التحرر الوطنية.
ــــ دعوة كل الأحزاب الشيوعية في العالم إلى الدعم النشيط لكل حركات التحرر الثورية، وأن شكل هذا الدعم يحدده الحزب الشيوعي، إن وجد طبعا، بهذا البلد.
ــــ ضرورة مساعدة حركات الفلاحين ضد الملاكين وضد كل بقايا الإقطاعية، وإعطاء تلك الحركات طابعا أكثر ثورية.
ـــ التحالف المشروط والمؤقت مع حركات البرجوازية الثورية: عقد تحالفات مؤقتة مع الديمقراطيين البرجوازيين الثوريين للبلدان المستعمرة والبلدان "المتخلفة"، لكن من دون اندماج معهم، والحفاظ بشكل حازم على استقلالية حركة البروليتاريا، حتى وإن كانت هذه الأخيرة في شكلها الجنيني.
بالنسبة لهذا المؤتمر، مؤتمر "المنظمات الشيوعية والثورية للشرق الأقصى" الذي دعت إليه، وأشرفت عليه الأممية الشيوعية الثالثة، فقد حضرته 30 منظمة، شارك من خلالها 127 مؤتمرا، منهم الشيوعيون، و "اللاحزبيون" ومؤتمري الحركات الوطنية والفوضويين والشبيبات. وبالنسبة لممثلي الصين موضوع هذه المقالة، فقد حضرت منظمات وتيارات مختلفة، منها الاشتراكيون والوطنيون الثوريون، والكيومنتانغ، وعصبة النساء، والشيوعيون والحركة العمالية...، حيث كان عدد مؤتمري الصين إجمالا هو 37 مؤتمرا دائما (بالإضافة إلى 5 مؤتمرين استشاريين)، منهم 14 شيوعيا وعلى رأسهم "شانغ كيو تاو" (هو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني التي أفرزها المؤتمر التأسيسي للحزب في يوليوز 1921، ومسؤول فيها عن التنظيم، وهو كذلك قيادي ف "سكريتارية منظمات العمال الصينيين" التي أسسها الحزب في غشت 1921، وأحد زعماء تيار "سياسة الباب المسدود" أو تيار الثورة الاشتراكية كمهمة آنية)، و"شانغ تاي لاي" (الذي شارك في المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية بموسكو في صيف 1921)، ثم 11 من الشبيبة الاشتراكية، والباقي "لاحزبيين" مع الإشارة هنا إلى حضور "شيو باي" عن حزب الكيومنتانغ.
لقد حدد الهدف من المؤتمر، حسب "فويتينسكي"، في تجميع عمال الشرق الأقصى للنضال ضد الإمبريالية، كما عبر كذلك مندوبي روسيا، كل من "زينوفيف" و "سافاروف" على أن المؤتمر هو فرصة للتأكيد بشدة على تضامن جميع الحركات الثورية التي تناضل من أجل التحرر الوطني، وعلى تقديم روسيا المساعدة للبرجوازيين الثوريين.
سنحاول عرض مجموعة من الأفكار التي جاءت خلال المؤتمر والمرتبطة بوضع البلدان المستعمرة والشبه المستعمرة، وعلى الخصوص بوضع الصين ومهام الشيوعيين فيها. هكذا، فقد جاء في البداية تقرير "زينوفييف" حول "الوضع الدولي والشرق الأقصى" على ضوء مؤتمر واشنطن، وتأكيده على أن الصين قد بدأت نضال مقاومتها، وأنه على المؤتمر تحديد الخط الذي يجب أن تعمل عليه الكوادر الثورية لأجل تنظيم القوى للنضال. وقد صرح "زينوفييف" بخصوص الصين، أن الأممية تفتقر للمعطيات حولها.
وفق "زينوفييف" دائما، فإن تطور النضال في آسيا ليس بعد في مرحلة الشيوعية، بل هو في مرحلة الوطنية الثورية، حيث أن الأممية الشيوعية كانت قد استوعبت منذ البداية أهمية العلاقة بين النضال البروليتاري والنضال الوطني (أهمية أطروحات المؤتمر الثاني للأممية)، وأنه على شعوب المستعمرات التكتل حول الاتحاد السوفياتي.
إن المهمة الرئيسية للمؤتمر تتمثل في تنسيق النضال التحرري (ليس بعد من أجل الاشتراكية) لشعوب المستعمرات وشعوب آسيا مع نضال البروليتاريا لأوروبا وأمريكا، وأن المشكلة الوطنية لن تحل إلا عن طريق البروليتاريا.
"سافاروف"، من جهته وحول "المسألة الوطنية والكولونيالية"، أكد على أن شعوب المستعمرات لن تستطيع الوصول للاستقلال إلا عن طريق النضال المشترك مع البروليتاريا. وهذه الأخيرة من جهتها، تعلم أن الإمبريالية لن تتحطم من دون تحرر شعوب المستعمرات. إن بلدان الشرق الأقصى هي "متخلفة"، وهو الأمر الذي تستغله الإمبريالية. لهذا، فمن الضروري العمل على فهم واستيعاب بشكل مضبوط مستوى تطور المجتمع بهذه البلدان.
فيما يخص الصين، يقول "سافاروف"، أن الرأسمال الأجنبي بالصين يحتفظ بالسيطرة الكاملة على وسائل الإنتاج. وأن الإقطاعيين الصينيين لهم المصلحة في أن يبقى البلد مقسما، كما لهم المصلحة كذلك في السيطرة الأجنبية التي هم في تحالف معها.
يجب أن يكون المدخل والشعار في الصين هو "تأميم الأراضي"، وهو ليس بشعار شيوعي، إنما هو شعار ديمقراطي، مثله مثل التحرر من السيطرة الأجنبية، والقضاء على أمراء الحرب وبناء الجمهورية الديمقراطية الفدرالية. لهذا بالنسبة ل "سافاروف"، على البروليتاريا التحالف مع حركة التحرر الوطني، وفي نفس الوقت عليها النضال ضد البرجوازية المحلية التي تسعى إلى عرقلة وإعاقة تطورها. فمن لا يساند الثورة الوطنية البرجوازية هو خائن للقضية الشيوعية، ومن يناضل ضد البروليتاريا هو خائن للقضية الوطنية، وأنه على البروليتاريا الدفع بالبرجوازية إلى الوعي بالمسألة الفلاحية، علينا الدعاية لفكرة السوفييتات كأداة للسلطة.
بالنسبة لأحد مؤتمري الصين، الذي قدم مداخلته باسم الحركة العمالية (على الأرجح، ولا نجزم بذلك، كان هو "كيو تاو")، فقد نفى أي وجود لملاك الأراضي الكبار، وأكد على أنه هناك فقط فلاحون صغار ومتوسطين. وبالنسبة للتصنيع، فهو يجد جذوره في السيطرة الأجنبية، وأن المليوني (2 مليون) عامل هم عبيد للرأسمال الأجنبي. واعتبر أن لنقابات الحرفيين طابعا رجعيا. ثم تحدث عن حركة 4 ماي وعن "سكرتارية منظمات العمال الصينيين" التي أسسها الشيوعيون في غشت 1921.
أما فيما يخص حزب الكيومنتانغ الذي كان مشاركا في هذا المؤتمر، فقد صرح "سافاروف" بعد أن اعترف بالطابع الديمقراطي الثوري لهذا الحزب، بما يلي: "نحن مقتنعون أن هذا الحزب قد أنجز عملا ثوريا كبيرا كان ضروريا بالصين، ونتمنى النضال جنبا إلى جنب معه في المستقبل... نقول إنه في البلدان المستعمرة، يجب أن تكون المرحلة الأولى للحركة الثورية حتما حركة وطنية ديمقراطية".
ثم أضاف، أن الجماهير البروليتارية للصين وكوريا، عليهم إنجاز مهمة عظيمة وأكبر من مهمة التحرر الوطني، عليهم ضمان التحرير الشامل والكامل لبلدانهم. في نفس الوقت، على العناصر البروليتارية والشبه بروليتارية التنظم في استقلالية وسط نقاباتهم الطبقية. فالنقابات التي يتم تشكيلها اليوم كمنظمات نقابية أو حرفية... هي في ارتباط مباشرة بالكيومنتانغ، ولا يمكن الاعتراف بها من قبلنا كنقابات طبقية (والقصد نقابات طبقة البروليتاريا) ... وليسوا بأداة للنضال الطبقي للبروليتاريا من أجل تحررها. لهذا، حين نتعامل معكم، مناضلو الكيومنتانغ، كما نتعامل مع حلفائنا، أصدقائنا ورفاقنا، نقول لكم علنا وبوضوح، نحن نساعد وسنستمر في مساندة نضالكم بقدر ما هو يتعلق بثورة وطنية وديمقراطية للتحرر الوطني. لكن في نفس الوقت، سنخوض في استقلالية عملنا الشيوعي لتنظيم جماهير البروليتاريا والشبه بروليتاريا للصين. فالأمر يتعلق بقضية جماهير البروليتاريا نفسها، وهذا يجب أن يقوم به العمال الصينيون، البروليتاريا الصينية. في هذا المجال، على حركة العمال بالصين أن تتطور في استقلالية عن البرجوازيين دوي الميولات الجذرية والتنظيمات والأحزاب البرجوازية. من جهة أخرى، نطلب من هذه العناصر الديمقراطية البرجوازية والعناصر الديمقراطية الجذرية ألا تحاول الهيمنة على الحركة العمالية بالصين وكوريا، وألا تحاول صرفها عن طريقها الحقيقي واستبدال طموحاتها (أحلامها) بطموحات (أحلام) ديمقراطية جذرية مصبوغة بألوان السوفييتات.
إلى هنا تنتهي هذه الكلمة التي وجهها "سافاروف" لمندوب الكيومنتانغ، والتي من خلالها تم وضع حدود التعامل السياسي بين حزب الكيومنتانغ وبين الشيوعيين الصينيين، أو بين النضال الوطني الديمقراطي والنضال البروليتاري.
بالمقابل، بقيت إحدى النقط المركزية عالقة بسبب الخلاف حولها، وهي المسألة الزراعية، حيث أبدى مندوب الكيومنتانغ على أن مسألة الإصلاح الزراعي تأتي بعد تحقيق وحدة البلاد تحت سلطة حكومة وطنية، في حين أن مندوب روسيا طرح ضرورة البدء، ومن القاعدة، بتغيير زراعي جذري، وبهذا الصدد صرح "سافاروف": "من دون سلوك وموقف ملموس من المسألة الزراعية، لن يمكن للجماهير الغفيرة والعريضة أن تنجذب وتنضم للنضال بجانبنا. فلا يكفي بلورة برنامج جيد، ولا يكفي اقتراح هذا البرنامج وسط حلقة صغيرة مما يطلق عليها بالمتنورة وسط المجتمع، فمن الضروري جعله (أي البرنامج) مطلبا ملتهبا للجماهير العاملة."
هذا، وقد خلص المؤتمر بعد مداخلات مؤتمري باقي البلدان (كوريا، اليابان)، إلى مجموعة من القرارات التي أصدر المؤتمر بعدها "بيان المؤتمر الأول للمنظمات الشيوعية والثورية للشرق الأقصى". من بين هذه القرارات، نجد القرار بخصوص "نتائج مؤتمر واشنطن والوضع في الشرق الأقصى" بناء على التقرير الذي قدمه "زينوفيف"، ثم الأهم بالنسبة لنا في هذا الموضوع، أطروحات "سافاروف" "حول مهام الشيوعيين في الشرق الأقصى"، الذي أكد على ضرورة البحث عن العلاقة والربط الدقيق والسليم بين النضال الوطني والثورة البروليتارية. وبهذا الشأن، أكد "سافاروف" على أن مهام الشيوعيين اليابانيين والكوريين والصينيين، هو النضال من أجل تحرير الصين وكوريا من الاستعباد الاستعماري. فالبروليتاريا اليابانية يجب أن تناضل ضد الرأسمالية اليابانية التي هي عدوها الحقيقي، وأن النضال الاقتصادي والسياسي باليابان، هو من نوع "بروليتاري أوروبي". أما في كوريا، فالحركة الثورية يجب أن يكون لها طابعا وطنيا ثوريا، حيث على الشيوعيين أن يساندوا الوطنيين، مع التنديد بأخطائهم وفضح ضعفهم، وعليهم، أن يجعلوا العمال طليعة الحركة الثورية للوطنيين من خلال التحالف مع الفلاحين، على الحزب الشيوعي تنظيم الجماهير تحت لوائه. وأن هناك ضرورة، خاصة بالصين، للوصول إلى "شبه البروليتاريا" والبروليتاريا الرثة". إن السوفييتات تشكل السلاح الوحيد للتحرر من السيطرة الإمبريالية والرأسمالية. وخلص "سافاروف" إلى أن هيمنة البروليتاريا، وخاصة ديكتاتورية البروليتاريا، لن تكون ممكنة إلا عندما يدفع العمال الفلاحين إلى النضال، لهذا، فمن واجب الثورة تحويل البنية الزراعية في الصين.
إلى حدود هذا التاريخ، يناير 1922، أي بعد مرور نصف سنة على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني وانعقاد مؤتمره الأول، وبعد انعقاد ثلاث مؤتمرات للأممية الشيوعية الثالثة، ومؤتمرين ل "شعوب الشرق" وحركاته ومنظماته الشيوعية والثورية بدعوة وتحت إشراف الأممية، لم يحدد أي خط نظري وسياسي لطريق الثورة بالبلدان المستعمرة والشبه المستعمرة والبلدان التي سميت ب "المتخلفة"، حيث وجدت المنظمات والأحزاب الشيوعية التي تم تأسيسها بهذه البلدان، نفسها، إجمالا، أمام أطروحتين تبنتهما تلك المؤتمرات، وهما أطروحة لينين التي وضعنا محاورها سابقا، والتي لم تختلف معها أفكار "سافاروف" بعد ذلك، ثم أطروحات "بيلا كون" و"ستاشكو" التي دعت إلى "ديكتاتورية الفلاحين الفقراء" وسلطة السوفييتات بقيادة الفلاحين، في حين لم تبرز لا وسط مؤتمرات الأممية الشيوعية الثالثة، إلى حدود هذه الفترة، وبخصوص "المسألة الوطنية والكولونيالية"، ولا وسط مؤتمري "شعوب الشرق"، الأطروحة المنشفية التي تبلورت خلال السيرورة الثورية بروسيا، والداعية إلى تحقيق ثورة من النوع البرجوازي أولا بقيادة البرجوازية، تليها بعد ذلك ثورة البروليتاريا الاشتراكية. كما غابت في نفس الوقت، وسط تلك المؤتمرات، أطروحة "الثورة الاشتراكية مهمة آنية" بقيادة البروليتاريا، وهي الطبقة الجنينية حينها بتلك البلدان، ويستعبد غالبيتها الرأسمال الإمبريالي ("الأجنبي") الذي كان يسيطر بالكامل على كل وسائل الإنتاج بتلك البلدان. ومع ذلك، سنجد تلك الأطروحتين الغائبتين خلال كل تلك المؤتمرات، حاضرتين عند تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، والتي طرحها كما أوردنا ذلك سابقا، كل من "شن تو سيو" الكاتب العام للحزب، و "لي هان شون" العضو المساعد والبديل في القيادة المركزية للحزب، وهما معا من قادة خط الثورتين المنفصلتين ("المنشفية")، في حين كان "شانغ كيو تاو" المسؤول عن التنظيم في القيادة المركزية، و "ليو شن شينغ" العضو المساعد والبديل في القيادة المركزية، هم من قادة خط "الثورة الاشتراكية الآن". (يتبع بحلقة رابعة / الجزء الثاني)
حمو العبيوي
7 / 7 / 2019
:الهوامش