Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

  • جواب أولي على أنفير خوجة بصدد كتاب "الإمبريالية والثورة" ــ الحلقة السادسة والأخيرة

    جواب أولي على أنفير خوجة

    بصدد كتاب

    "الإمبريالية والثورة"

    الحلقة السادسة والأخيرة

    III – أين هي البورجوازية؟

    بصفة عامة، فإن أنصار تحليل أنفير خوجة يمكنهم استخلاص النتائج المنطقية لحججه، فهم يبحثون عن عدو للاشتراكية، ولكنهم لا يجدون طبقة اجتماعية، لذلك يضطرون لاستخدام الحيل: لا ينفون وجود عناصر منحلة، لكن يعتبرونها كشكل من أشكال وجود البورجوازية في ظل الاشتراكية، فهم يقللون من أهميتها وينفون أساسها الموضوعي.

    هذه "العناصر" هي دائما "متسربة" وفي كثير من الأحيان "عملاء الخارج"، وعلى كل حال "غريبة عن الاشتراكية". أو حيلة أخرى إذ يصرحون أن العدو الرئيسي لدكتاتورية البروليتاريا "هو مزدوج: اللبيرالية والبيروقراطية ..." بمعنى عدو خارج الطبقات، طريقة عمل وقيادة "عدوة"، باختصار، يبحثون عن البورجوازية لكن ليس في المجتمع نفسه، لهذا السبب لا يفهم أنفير خوجة مكانة الحزب الشيوعي في الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، ويتهم الثورة الثقافية بكونها أن الحزب لم يقدها، بل، وقامت بتصفية الحزب:

    "في نظرنا، كون هذه الثورة الثقافية لم تكن بقيادة الحزب ولكن كانت تشكل انفلاتا فوضويا أثاره النداء الذي أطلقه ماو تسي تونغ ونزع عن هذه الحركة صفتها الثورية".

    إن إطلاق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لم يكن مبادرة شخصية لماو، ولكن قرارا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، مذكرة اللجنة المركزية المؤرخة ب 16 ماي 1966، محددة ب: "قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى" في 8 غشت 1966. هذين القرارين للحزب الشيوعي الصيني يشكلان وثائق وبرنامج الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، إنهما نصين أساسيين، فالحجة التي على أساسها أطلق ماو الشخص، الثورة الثقافية وقادها، تصلح لتمرير فكرة، التي وفقا لها لم تكن الثورة الثقافية بقيادة الحزب وإنما تطورت ضد الحزب. إن هذه النظرة إلى الثورة الثقافية، التي روجها "الاختصاصيون" البورجوازيون حول الصين، وإيديولوجيو "الأناركو- ماوية" في أوروبا [1] لا تتوافق مع الواقع، ففي الحقيقة كان الحزب الشيوعي الصيني في نفس الوقت قائد الثورة الثقافية، وجزئيا هدف هذه الثورة، على الرغم من أن التوجيهات الأساسية للثورة أعطيت من طرف المجالس القيادية للحزب الشيوعي الصيني على امتداد تقدم الثورة. صحيح أن الحزب الشيوعي الصيني قد "تزعزع" بالثورة الثقافية بقوة. لماذا؟

    أشار ماو:

    "نقوم بالثورة الاشتراكية ولا نعرف حتى أين هي البورجوازية، بينما هي توجد داخل الحزب الشيوعي، إنهم المسؤولون المنخرطون في الطريق الرأسمالي".

    إن البورجوازية التي تم تجريدها من وسائل الإنتاج لم تختف، لكن تم إضعافها بشكل كبير، فهي لم تعد تتوفر على قاعدة اقتصادية أكثر صلابة من تلك التي أعطتها لها ملكية وسائل الإنتاج. هذه التغيرات الهامة تجعل من المستحيل تقريبا الهجوم على دكتاتورية البروليتاريا من الخارج ملوحة بالعلم الأبيض.

    إن الهجوم يتطور إذن من الداخل، وتحت راية الاشتراكية. إن النضال يتركز حول الخط الذي يجب اتباعه في مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية: السير نحو الشيوعية أو التراجع نحو الرأسمالية.

    من الطبيعي أن الخط البورجوازي يتجه نحو الاحتفاظ ثم تطوير كل ما في المجتمع الاشتراكي مما لا زال يحمل بقايا من الرأسمالية وكذلك توسيع الحق البورجوازي الذي يمؤسس لهذه البقايا.

    إنه لنموذجي تماما من وجهة النظر هذه، هو أنه اليوم في الصين، فإن نقد "عصابة الأربعة" من طرف هوا – دينغ، هذا النقد تم تحت راية الاشتراكية، ويقدم كدفاع عن الاشتراكية: لكن الأمر يتعلق بالدفاع عن الاشتراكية ليس من أجل تقدمها ولكن من أجل عيوبها، فالنقد يبين باستمرار فوائد الاشتراكية بالمقارنة مع الرأسمالية من أجل حماية هذه العيوب بالمقارنة مع الشيوعية. إن شعار "الاستقرار" يستخدم لمعارضة سير الثورة نحو الأمام، وبطبيعة الحال، لتطوير العيوب حتى إقامة الرأسمالية.

    إن ساحة العمل المفضلة للبورجوازية القديمة والبورجوازية الجديدة هي الحزب الشيوعي ومجموع جهاز الدولة، خاصة الحزب، لأن حزب المعارضة أصبح حزبا حكوميا، إنه القوة القائدة للمجتمع، والمكان الذي يتطور فيه الخط، لذلك فمن العادي جدا أن يعكس في داخله المواجهات بين الخطوط، والطبقات التي تخترق كل المجتمع. إن البورجوازية داخل الحزب هي نواة كل بورجوازية، وهذا ما يسميه ماو "جانبنا الأسود". لهذا السبب فالثورة الثقافية قادها الحزب، وفي نفس الوقت كان لها كهدف تصفية البورجوازية داخل الحزب والدولة.

     إن الثورة الثقافية كشكل من أشكال النضال ضد البورجوازية تم تكييفها مع الأشكال الجديدة لوجود البورجوازية، ولهذا السبب ليست مجرد حركة بسيطة لتطهير الحزب.

    بالفعل، فالحزب الشيوعي هو حزب حكومي يقود المجتمع، بحيث أن رهان الصراع ليس فقط الخط الإيديولوجي والسياسي، ومعرفة ما إذا كان الحزب سيبقى ثوريا أم لا، بل إن الرهان هو طبيعة المجتمع نفسه: المسؤولون المنخرطون في الطريق الرأسمالي لهم كذلك ممارسة خاطئة، بورجوازية بعض القطاعات وبعض الوحدات الاقتصادية الموضوعة تحت قيادة هؤلاء المسؤولين لم تعد بين أيدي دكتاتورية البروليتاريا. لم يعد الخط البروليتاري يطبق بل الخط البورجوازي.

    في بداية الثورة الثقافية أعلن ماو أنه في عدد كبير من القطاعات، كانت البروليتاريا قد فقدت السلطة، لم تفقدها كحق، لكن في الواقع (التسطير من طرف المترجم). إن هذه الحقيقة الجديدة، التي، تفسر في ظل الاشتراكية أن الثورة الثقافية تكون بالأساس صراعا سياسيا من أجل السلطة، وليست صراعا إيديولوجيا بسيطا، الشيء الذي يفسر كون الثورة الثقافية حركة تحويلية عظيمة للعلاقات الاجتماعية ودفعة لتطور القوى المنتجة الاشتراكية.

    IV – التحولات المنجزة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى

    يعتبر أنفير خوجة أن البروليتاريا لم تكن هي قائدة الثورة الثقافية. كيف يمكن أن نحكم بنعم أو لا أن الطبقة العاملة كانت القوة القائدة للثورة؟

    يمكن الاعتماد على تصريحات حزب العمل الألباني في الماضي، حيث يعلن ذلك بصوت عال و واضح، لكن هذا ليس كافيا، لأنه اليوم يؤكد العكس. ليس هناك إلا معيار واحد: كيف كان محتوى التحولات المنجزة بهذه الثورة؟ بينما أنفير خوجة لا يفحص حتى هذا المحتوى. لا يوجد مكان يشار إليه، وعلى العكس من ذلك يستعمل وقائع خاصة مثل دور الشباب في إطلاق الثورة الثقافية من أجل أن ينفي الدور القيادي للطبقة العاملة.

    "هذه الوضعية الخطيرة الآتية من المفاهيم القديمة لماو تسي تونغ، الذي كان يستهين بالدور القيادي للبروليتاريا، وكان يرفع من شأن دور الشباب في الثورة".

    كتب ماو:

    "أي دور لعبه الشباب الصيني منذ فترة حركة 4 ماي؟ لقد بدأت تلعب نوعا ما دور الطليعة، هذا كله، باستثناء أناس رجعيين جدا، يقبلونها في بلادنا. ماذا يعني يلعب دور الطليعة؟ هذا يعني تحمل دور القائد ...".

    لنمر على "يستهين ب" و "يرفع من شأن"، و المعنى الذي يمكن أن يكون لهذه المصطلحات الغامضة ... "يساعد" أنفير خوجة قليلا ماو في التعبير عن الأفكار التي يود أن يعبر عنها: بعد كلمات الحذف، كتب هناك في الترجمة الفرنسية لأعمال ماو، مجلد 2، ص263 "إنه السير في الصف الأول للثورة". فارق بسيط، بينما بالنسبة للتأكيد:

    "هذا يعني تحمل دور القائد". هناك اختلافات في الترجمة مفاجئة حقا ... نجد في الطبعة الفرنسية: "يعني احتل المقدمة". فارق بسيط.

    في العمق، يرفع أنفير خوجة إلى القمة دور الشباب في الثورة الثقافية، لكن الدور الذي لعبه الشباب المثقف في البداية، دور "الطليعة إل حد ما" يتطابق تماما مع المكان الذي تحتله هذه الشريحة في المجتمع. إن لينين هو من يفسر هذا:

    إن الشباب المثقف "لوحة حساسة" فهي لا تشكل طبقة، لكن مختلف مجموعاتها تمثل التناقضات الطبقية للمجتمع بكامله. بهذا المعنى، فمن العادي أن تكون هي المتفاعلة الأول مع الثورة الثقافية. وعلى عكس ما يقوله أنفير خوجة فماو كان ضد حركة المثقفين عندما بدأت تنحرف إلى "فصائلية" حلقية وعقيمة. إنه تحت زخم قيادة الحزب الشيوعي الصيني أطلق شعار "على الطبقة العاملة أن تمارس قيادتها في كل شيء"، وأن على مجموعات العمال الثوريين أن يضعوا النظام في الجامعات.

     إن محتوى التحويلات التي تحققت بواسطة الثورة الثقافية، هو الذي يبين خاصيتها الثورية البروليتارية. يمكن أن نذكر هنا كل ما أسسته الثورة الثقافية، وكل الإجراءات المتخذة في كل المجالات يمكن تجميعها في خانتين:

    1 – الإجراءات المستهدفة للتقليص من الفوارق و "الاختلافات الكبيرة الثلاثة": يدوي – ثقافي، مدينة – بادية، عامل – فلاح. لنذكر هنا مساهمة الأطر في العمل الإنتاجي، والعمال في التسيير، إرسال الطلبة إلى البادية، أولوية المحفزات الإيديولوجية على المحفزات المادية، إلغاء القوانين الاستبدادية، إلخ ...

    2 – الإجراءات التي استهدفت تحويل البنية الفوقية: إنشاء لجن ثورية كأجهزة جديدة للسلطة "على اللجنة الثورية ممارسة قيادة وحيدة بالقطع مع البنيات الإدارية المتراكبة، أن يكون هناك طاقم متقلص لكنه جيد وإدارة مبسطة، والتشكل في فريق قيادي ثوري مرتبط بالجماهير" ماو.

    يتعلق الأمر هنا بخطوة إلى الأمام في القيادة، التي أشار إليها لينين: العمل على الاضطلاع بمهام الدولة مجانا بواسطة العمال أنفسهم. يمكن أن نذكر التحول العظيم في النظام المدرسي، من أجل منع أن يكون أداة لبورجوازيين جدد، حذف نظام الاستقطاب في الجامعات عن طريق قناة "عادية" للامتحانات، في الطب، الثقافة، الجيش. في جميع الميادين كانت تحويلات الثورة الثقافية إجراءات متقدمة، إجراءات ثورية وبروليتارية.

    هذا هو المهم، وإن كان يجب بشكل دقيق تحليل الاتجاهات والاتجاهات المضادة، التي عبرت عن نفسها في هذه الثورة العظيمة. إن محتواها الأساسي بروليتاري، إنه الدليل على الدور القيادي، الذي لعبته البروليتاريا في الثورة الثقافية.

    من ضمن الماركسيين – اللينينيين، لماذا أنفير خوجة، وبصفة عامة، الدعاية المعادية لماو، يعالجون بشكل طفيف محتوى الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى؟ فلنحور السؤال: لماذا لا ينتقدون هوا و دينغ حول إقامة الرأسمالية في الصين؟

    عندما أقام خروتشوف الرأسمالية في الاتحاد السوفياتي، كل الماركسيين – اللينينيين شرحوا وانتقدوا الإجراءات الاقتصادية والسياسية المتخذة من طرف التحريفيين، واليوم يقوم التحريفيون بتصفية كل التغييرات والتحولات التي حققتها الثورة الثقافية واحدة تلو الأخرى، و أنفير خوجة ينتقد الثورة الصينية و ماو.

    إن الجواب على هذا اللغز هو مزدوج:

    أولا، فإن انتقاد هوا و دينغ معناه الاعتراف بأن ماو يمثل الخط الثوري في الصين، لأنه لا يمكن انتقاد التحريفيين الصينيين بدون الدفاع عن الإجراءات الاشتراكية التي ألقوا بها في البحر، لكن ليس هذا هو الأساسي هنا: إن انتقاد ماو هو حقا ذاتوي تماما، لكنه ليس مجانيا إذا فحصنا من قريب محتوى نقد "الأربعة" في الصين، و نقد ماو من طرف أنفير خوجة، نلاحظ أنه، حول المواضيع الأساسية، فالعمق هو نفسه. لا يمكن أن ننتقد ما نقره، ونعني المواضيع الأساسية:

    - وجود البورجوازية في ظل الاشتراكية، التي قلصها هوا – دينغ و أنفير خوجة إلى "عناصر متسربة".

    - موضوع الوحدة واستقرار المجتمع الاشتراكي.

    - تمجيد المنظمات الجماهيرية "العادية" (النقابات) ضد اللجن الثورية التي تم محوها من طرف هوا.

    كتب أنفير خوجة:

    "صفت الثورة الثقافية الحزب الشيوعي الصيني والمنظمات الجماهيرية ..." واللجن الثورية؟

    - موضوع وحدة الحزب.

    - تقديم الثورة الثقافية، وبصفة عامة، فترات الهجومات الثورية في الصين كأوقات سيئة وكفوضى هائلة ("تخريب" الأربعة).

    لا يمكن أن نستخلص من هذا الالتقاء الواضح (التقاطع) إلا الخلاصة التالية:

    إن نقد ماو ليس مجانيا أو مجرد نقاش مؤرخين ومنظرين، لأن موقف أنفير خوجة الحالي يعرض الاشتراكية في ألبانيا لأكبر خطر.

    كخلاصة لهذا الفصل، يجب ذكر انتقادان لأنفير خوجة لماو، تلك التي ربما تلخص أحسن، عمق النقاش بعرض أنفير خوجة هذا الاقتباس لماو:

    "يعتبر الديالكتيك أن النظام الاشتراكي كظاهرة تاريخية، سيختفي تماما مثل أن الإنسان يجب أن يموت وأن النظام الشيوعي سيكون هو النفي، كيف يمكننا أن نعتبر كطرح ماركسي، الادعاء الذي، وفقا له لن يختفي النظام الاشتراكي، وكذلك علاقات الإنتاج والبنية الفوقية الاشتراكية. ألا يعد هذا عقيدة دينية، واللاهوت الذي يجاهر بأبدية الإله؟". مجلد 5، ص 409 [2].

    لقد جعل أنفير خوجة من هذا الاقتباس الواضح والصحيح تماما النقد التالي:

    "بهذا الشكل، يراجع (أي ماو) بشكل مفتوح المبدأ الماركسي – اللينيني للاشتراكية والشيوعية، اللذين هما بشكل عميق، مرحلتان من نفس النوع، من نفس النظام الاقتصادي والاجتماعي اللذان لا يتمايزان إلا بدرجة التطور والنضج، يقدم ماو تسي تونغ الاشتراكية كأنها شيئا يتعارض تماما مع الشيوعية" ص 439.

    بالإشارة إلى أن الاشتراكية والشيوعية هما مرحلتان لنفس النظام الاقتصادي والاجتماعي، بينما واحد منهما أي الاشتراكية هو:

    أ - مجتمع طبقات

    ب – قاعدة اقتصادية ما زالت أقل تطورا.

    فإن أنفير خوجة يبتعد عن الماركسية اللينينية، بالإشارة إلى أن هاتين المرحلتين يتمايزان بدرجة تطور ونضج مختلف، فهو يشير إلى طريق خطي وكمي لانتقال الرأسمالية إلى الشيوعية، هو ينفي أن هذا الانتقال هو ثورة، وأن مجتمع الطبقات ومجتمع بدون طبقات يفصل بينهما فرق نوعي. كيف يمكننا تركيب انحراف أنفير خوجة أحسن مما فعله هو نفسه؟

    الفصل الخامس

    خلاصات

    هل أخذ السلطة من طرف هوا – دينغ والمجموعة التحريفية وسط الحزب الشيوعي الصيني علامة على "فشل" الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وإدانة لنظرية ماو حول الطبقات وصراع الطبقات في ظل دكتاتورية البروليتاريا؟

    يمكن أن نجيب على هذه الأسئلة بطريقتين:

    * أولا، هناك برهان ب "السلب"، والذي يسمح برؤية ذلك بشكل أكثر وضوحا:

    إن إقامة الرأسمالية في الصين على يد القيادة التحريفية للحزب الشيوعي الصيني تمت بالكامل عن طريق معارضة للإجراءات المتخذة من طرف الثورة الثقافية. إذا رجعنا إلى الصحافة الصينية لهاتين السنتين الأخيرتين، فمن الواضح أن كل إرجاع للرأسمالية في جميع الميادين هي مواجهة للثورة الثقافية. لقد قدمت الثورة الثقافية ك "يسراوية"، كفترة فوضوية وكارثية بالنسبة للصين.

    إن أنفير خوجة على كل حال محرج جدا من هذه الحقيقة، فلكي يؤكد الاستمرارية بين ماو و هوا – دينغ فهو مضطر، سواء بالتمسك بالبيانات الرسمية للتحريفيين حول "استمراريتهم" – بإبعاد كل تحليل ملموس- أو يتناقض مع نفسه صراحة: مثلا، بالتأكيد على أن الصين لم تتقدم أبدا في طريق الاشتراكية، بينما هو يقول أن دينغ أعاد الرأسمالية! أو بقوله أن الثورة الثقافية جمعت مختلف الفصائل البورجوازية، و في نفس الوقت يكتب أن دينغ يؤهل رجعيين كشفت الثورة الثقافية عن وجوههم! (ص 475).

    * بعد ذلك، هناك الثورة الثقافية نفسها، محتواها، غناها، النصوص المتعددة المنشورة في هذه المرحلة، والتي هي ذات قيمة لا تقدر بثمن. لا يمكن، بطريقة أنفير خوجة إعادة كتابة التاريخ.

    إن كون خروتشوف أخذ السلطة، فهذا لم يحول الانتصار والمعنى العميق لثورة أكتوبر 1917 وبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي إلى رماد، وكذلك فإن مجيء التحريفيين الصينيين إلى السلطة لن يمحو الثورة الصينية لسنة 1949 والثورة الثقافية.

     إن الثورة الثقافية في محتواها هي تقدم كبير بالنسبة للنظرية وممارسة الثورة الاشتراكية، لقد اتخذت إجراءات ثورية جديدة تماما ومتقدمة في طريق الاشتراكية، فهذا هو الأساسي في هذه الثورة. من وجهة نظر هذه، لا يمكن أن نتحدث عن "فشل" ولكن عن انتصار الثورة الثقافية، وهو انتصار ذو أهمية تاريخية كبرى.

    تبقى الحقيقة، أن الأهداف المحددة لهذه الثورة لم يتم الوصول إليها كلها، وأن التحريفيين احتفظوا بمواقف صلبة في الثورة الثقافية، وفي جميع الأحوال صلبة بما فيه الكفاية لتسمح لهم بالقبض عل السلطة.

    بماذا تفسر في نظرنا هذه الوضعية؟

    * هناك، في المقام الأول، أخذ بعين الاعتبار وضع موضوعي، يجعل صراع الطبقات بصفة خاصة حادا، والصراع ضد الاتجاهات التحريفية داخل الحزب صعب بشكل خاص.

    إن الصين بالفعل بلد شاسع، مسألة كمية نعم، ولكن التي تحدث تغييرا نوعيا جزئيا للمشاكل، خاصة وأنه بلد بورجوازي صغير بشكل واسع، حيث أن مهمة التحويل البطيء للبورجوازية الصغيرة بواسطة بروليتاريا ضعيفة جدا عدديا، هو بشكل خاص أمر شاق، زيادة على ذلك، فالصين التزمت بطريق الاشتراكية انطلاقا من ثورة ديموقراطية وطنية طويلة جدا، معقدة جدا، الشيء الذي لا يمكنه إلا أن يقوي في وسط الجماهير كما في وسط الحزب نفسه اتجاها "ديموقراطيا بورجوازيا" قويا جدا.

    هذه العناصر الموضوعية لا تفسر انهزام الماركسيين – اللينينيين، لأن ماو نفسه إذا كان دائما قد بين حتمية صراع الطبقات في ظل الاشتراكية، لم يستخلص من هذا التحليل نوعا من الجبرية العفوية، تعتبر إعادة الرأسمالية كأمر ضروري، لكن كل تحليل لا يأخذ بعين الاعتبار هذه العناصر، سيكون مثاليا.

    * هناك إذن، انطلاقا من الظروف الموضوعية الصعبة للماركسيين – اللينينيين أخطاء تم ارتكابها، ولا يمكننا، بدون تحليل دقيق للسنوات الأخيرة من الثورة الصينية القول بالضبط أية أخطاء تم ارتكابها، يجب بالأخص فحص آخر صراع ضد دينغ وكيف تم خوضه، وربط هذا التحليل بمختلف الاتجاهات والاتجاهات المضادة، التي ظهرت خلال الثورة الثقافية. أما في الوقت الحالي، فإننا لا نعرف مدى إمكانية القيام بهذا التحليل، وهل نتوفر بما فيه الكفاية على وثائق من أجل القيام به.

    إذن، نحن لسنا معارضين لمعالجة نقدية، نقد نعم، ولكن بأية وجهة نظر، وطبقا لأية منهجية؟ فهناك نقد ونقد، فالتحليل النقدي للثورة الثقافية وتوابعها لا يمكن القيام به إلا على قاعدة الماركسية – اللينينية، التي أغناها ماو تسي تونغ، وطبقا للمنهج المادي التاريخي.

    - على قاعدة الماركسية – اللينينية التي أغناها ماو تسي تونغ، لأن درس الثورة الصينية، بما في ذلك هزيمة 1976، قد أكد تحليل ماو حول الطبقات وصراع الطبقات ودكتاتورية البروليتاريا، هذا أمر أساسي، فماو بالتدقيق، الذي بين أنه بعد تحويل ملكية وسائل الإنتاج يستمر صراع الطبقات، وأن البورجوازية يمكنها استعادة السلطة، هو الذي أشار إلى أن مركز هذا الصراع هو الحزب الشيوعي، هو الذي أشار كذلك إلى أنه، لقلب البورجوازية فثورة واحدة مثل الثورة الثقافية لا تكفي، لذلك فإنه يجب القيام بثورات أخرى.

    إذن باستيعابنا لتعاليم ماو حول المجتمع الاشتراكي، بإمكاننا فعلا أن نستخلص حصيلة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، وهكذا فقط.

    إذا اعترضنا على الحصيلة التي تقدم بها أنفير خوجة، فليس ذلك لأنه ارتكب نوعا من التدنيس ب "التجرؤ" على نقد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، بل لأنه يعارض ماو و تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، بخط و نظرية خاطئين عبرا عن الإفلاس منذ زمن طويل خاصة في الاتحاد السوفياتي، حيث استعادت البورجوازية السلطة، و كانت هذه النظرية تؤكد على أن الاشتراكية تم تعزيزها، و أن الطبقات المستغلة(بكسر الغين) تمت تصفيتها ... و على قاعدة هذه "المبادئ" الخاطئة لا يمكننا أن نستخلص أي درس مفيد من تجربة الثورة الصينية.

    - حسب منهج المادية التاريخية، أي بتحليل صراع الطبقات، وحركة الطبقات في الصين في الظروف الملموسة للمرحلة المعنية، يجب علينا أن نلقي نظرة على الثورة الصينية، بنفس الطريقة التي قام بها ماركس تجاه كومونة باريس، وقام بها لينين تجاه "فشل" ثورة 1905 في روسيا.

    "ليست هناك ذرة  يوتوبيا عند ماركس، فهو لا  يخترع،  ولا يتخيل (من الصفر) مجتمعا "جديدا"، لا أبدا، هو يدرس كما في سيرورة التاريخ الطبيعي، ولادة  مجتمع جديد انطلاقا من القديم، أشكال انتقال هذا المجتمع إلى مجتمع آخر، فهو يأخذ التجربة الملموسة للحركة البروليتارية الجماهيرية، ويسعى إلى استخلاص الدروس الملموسة،  "أن يتعلم من دروس" الكومونة، فكما هو الحال بالنسبة لجميع المفكرين الثوريين الكبار، فهم لا يترددون في التعلم من دروس الحركات الكبرى للطبقة المضطهدة (بفتح الهاء) بدون مقاربتها أبدا من وجهة نظر "أخلاقية" متحذلقة (مثل بليخانوف عندما قال (ملاحظة المحرر) : فيما يتعلق بفشل ثورة  1905 "كان لا يجب حمل السلاح"، أو كما قال تسيرتللي :"إن طبقة يجب عليها أن تعرف الحد من طموحاتها بنفسها")" لينين : "الدولة والثورة".

    عوض تبني هذا المنهج، نجد أن أنفير خوجة يلصق طرفا بآخر، وقائع معزولة، أو حتى، وقد رأينا ذلك، أطروحات مزورة منسوبة إلى ماو، ويبحث عن تأكيد بهذا الشكل على "شيء قبلي" ب "مبدأ" (خاطئ)، ويقدم لنا كخلاصة، عينات نموذجية جدا:

    "عندما يتم الحديث عن "فكر ماو تسي تونغ" فمن الصعب تحديد خط وحيد و واضح خاصا به، لأنه، كما قلنا سابقا خليط من الإيديولوجيات، التي تأتي من الأناركية، التروتسكية والتحريفية الحديثة إلى صلصة التيتاوية و لخروتشوفية أو الأورو شيوعية، إلى استحضار بعض الجمل الماركسية. وسط هذا الخليط ترجع مرتبة الشرف إلى أفكار كونفوشيوس القديمة و منسيوس وفلاسفة صينيين آخرين، اللذين أثروا بشكل مباشر على تكوين أفكار ماو تسي تونغ وعلى تطوره الثقافي والنظري، والباقي، فإن آراء ماو تسي تونغ التي تظهر على شكل ماركسية – لينينية مشوهة تقدم علامة وخصوصية لنوع من "أسيو شيوعية" ممزوجة بجرعات قوية من الوطنية، وكراهية الأجانب، وحتى مفاهيم دينية بوذية، وكان محكوما أن تعارض بشكل مفتوح يوما ما الماركسية – اللينينية" ص 474.

    وفيما يتعلق بأخذ السلطة من طرف التحريفيين في الصين:

    "كل هذا ليس إلا لعبة تحريفية من أجل السلطة الشخصية، في الصين، كان الأمر دائما كذلك" ص 467.

    إن هذا معناه إدارة الظهر للماركسية – اللينينية والمادية التاريخية.

    لقد عالجنا في هذه الكراسة النقط الأكثر أهمية لنقد كتاب أنفير خوجة، ويبقى هناك العديد منها.

    نواصل بطبيعة الحال هذا النقد، بمعالجة مسائل خاصة جدا أو "وقائع" مطروحة من طرف أنفير خوجة لتبرير رأيه المسبق، فنحن واعون أن الأهمية المعطاة لهذا العمل، ترتبط أكثر بميزة مؤلف الكتاب، القائد الأساسي لحزب العمل الألباني أكثر من عمق الكتاب.

    إن المهمة النظرية الأساسية، التي يجب علينا الاضطلاع بها فيما يتعلق بتحليل الثورة الصينية، ومن أجل استيعاب دروسها، كما هو كذلك بالنسبة لأعمال ماو تسي تونغ، يتجاوز (بكثير) إطار نقد كتاب أنفير خوجة. هذه المهمة كما سطرها تنظيمنا، حيوية بالنسبة لمستقبل الحركة الشيوعية العالمية والثورة البروليتارية في فرنسا. إن التعاليم التي يمكن أن نستخلصها من تجربة الثورة الصينية، تذهب بالفعل، إلى تجاوز الفترة الوحيدة للاشتراكية، يجب أن تكون لها تأثيرات عميقة على كل نشاطنا الجاري حول تحديد برنامجنا، خطنا، تكتيكنا، وكذلك، على بناء منظمتنا الشيوعية والحزب الذي نبنيه.

    يوليوز 1979

    ترجمة: جميلة صابر

    الهوامش

    [1]  ــ في فرنسا، مجموعات "اتحاد الشبيبات الشيوعية الماركسية – اللينينية"، "اليسار البروليتاري"، "عاشت الثورة" الخ ...

    [2]  ــ هذا الاقتباس مقتطف من النصوص الأكثر شهرة في مجلد 5 للأعمال المختارة لماو من ص 379 إلى ص 415.