Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.
Aller au contenu
Le Centre Marxiste-Léniniste d'Etudes, de Recherches et de Formation
الـشــرارة
من الشرارة يولد اللهيب
الشرارة، الأداة النظرية للمركز الماركسي ــ اللينيني
للدراسات و الأبحاث و التكوين
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
من أجل خط ثوري ماركسي ــــ لينيني
-
جواب أولي على أنفير خوجة
بصدد كتاب
"الإمبريالية والثورة"
الحلقة الخامسة
V – اعرف كي تغير
هناك أمر يجب فهمه، وهو أن صراع الخطوط داخل الحزب هو ظاهرة حتمية، لها مصدرها في التناقضات الطبقية للمجتمع، ثم هناك أمر آخر وهو أنها موقف حيوي والذي يجب أن يكون عند الماركسيين – اللينينيين من أجل تغيير هذه الوضعية.
يخلط أنفير خوجة دائما المسألتين في الانتقادات التي يوجهها إلى ماو: بالقيام بذلك، فهو يستعمل انتقادات شكلية - معرفة هل مارس الحزب الشيوعي الصيني بشكل صحيح صراع الخطوط في هذه المرحلة أو تلك خلال تاريخه الطويل- من أجل رفض النظرية الماركسية – اللينينية نفسها حول الحزب[1].
يمكن أن نظن أنه في العمق أن هذه الخلافات النظرية بين مفاهيم أنفير خوجة ومفاهيم ماو، ليست لها نتائج عملية هامة ما دمنا نناضل حقيقة ضد الانتهازية. لا أبدا، إن النضال الذي نقوم به ضد الانتهازية داخل الحزب لا يمكن أن يكون مستقلا عن الوعي الذي يكون عندنا حول أصلها الاجتماعي.
إن الانتهازية اليوم، لا يمكن أن تعلن عن نفسها بالنفي الخالص والبسيط للصراع داخل الحزب بعد تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وتحليلات ماو. إنها تعلن عن نفسها منذ الآن، بالاعتراف بالصراع الداخلي، لكن فقط كظاهرة من الدرجة الثانية، بعيدا خلف الوحدة "المونوليتية" للحزب. إن هذا لا يمكن أن يعطي إلا عواقب خطيرة، لأن صراع الخطوط ليس فقط ظاهرة عرضية، إنها الظاهرة التي هي محرك بناء الحزب. إن العواقب لا تتوقف عند إطار الحزب: إدراك صراع الخطوط داخل الحزب كانعكاس للصراع بين البورجوازية والطبقة العاملة، هو الطريق الوحيد الذي يسمح بالمحافظة، وتقوية الدور القائد للحزب في بناء الاشتراكية والشيوعية. لماذا؟
إذا فهمنا تماما عمق ظاهرة الصراع الداخلي في الحزب ومصدره في الظروف المادية للمجتمع الاشتراكي، فهذا يقودنا إلى القيام بصراع سياسي وإيديولوجي وتنظيمي ضد الانتهازية في نفس الوقت. إننا نعالج المشكل في العمق، وليس بإجراءات تنظيمية أو بوليسية، وهذا يعني حشد الجماهير بشكل واسع من أجل نقد الخط الانتهازي، وحركة الجماهير هذه مثل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ليست فقط محاضرة حول الماركسية – اللينينية، إنه نضال تحويلي للمجتمع نفسه. "القيام بالثورة والرفع من الإنتاج"، نقد التحريفية وبناء الاشتراكية، هذا هو المعنى العميق للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى، وعلى العكس من ذلك، فعدم إدراك صراع الخطوط كانعكاس لصراع الطبقات، يؤدي بالحزب إلى "تصفية حساب" الانتهازيين، بإجراءات تنظيمية التي "سنشرحها" للجماهير فيما بعد، بالإضافة أنه يمكن للأغلبية أن تخطئ ويتم تصفية رفاق جيدين عن طريق الخطأ: إن مفهوم أنفير خوجة يعني أن الانتهازيين اللذين يتم اعتبارهم كجسم أجنبي في الحزب، لا يصلحون كمعلمين بمثال سلبي (التعلم من السلبيات والأخطاء (المترجم))، إن نقدهم لا يصلح لشيء في تربية الجماهير وتحويل المجتمع بشكل عميق.
إذا فهمنا جيدا الخاصية المعقدة والطويلة للصراع بين خطين وعلاقته بالمجتمع المنقسم إلى طبقات، فلن نعارض التعبير عن الآراء المتباينة داخل الحزب كما داخل المجتمع. والحال أنه من البديهي، قد يتم التعبير عن آراء "ماركسية – لينينية" وهي آراء انتهازية، لكن هذا ضروري، أولا، لأنه، لنقد الانتهازية يجب معرفتها في شكلها الحي المعاصر، ثم بعد ذلك، لأنه من المستحيل التمييز بطريقة أخرى الرفاق اللذين يخطئون عن البورجوازية، وفي الأخير، لأنه لا يصلح لشيء، أن الطليعة وحدها أو اللجنة المركزية وحدها تميز الانتهازي والمناضل إذا كانت الجماهير نفسها لم تع ذلك فعليا.
"دعه يعبر" لا يعني التنازل عن النضال ضد الانتهازية، بل بالعكس، شرط ضروري لكي يأخذ هذا النضال قوة دافعة، ويكون له قيمة تربوية ومحولة. على العكس، إذا تم منع التعبير عن الآراء المختلفة، وإذا تم بسرعة قمع ما وصفته اللجنة المركزية بالانتهازية، فهذا لا يمنع الآراء من أن تتواجد، والعناصر البورجوازية من أن تتناسل، وعلى الرغم من أنه يتم التكرار، لمن يريد أن يسمع، بأن الحزب موحد وسيظل كذلك، فهذا لا يغير قيد أنملة حقيقة صراع الطبقات وصراع الخطوط.
إذا اعتبرنا أن كل تعبير عن رأي جريمة ضد المونولوتيزم، فإننا سنمنع العناصر البورجوازية من الظهور، لكن ليس أن توجد وتتناسل، لأنه في ظل الاشتراكية توجد قاعدة موضوعية لوجودها وتناسلها، وسنحصل فقط على هذا: ندفعها إلى الاختباء، أن تنتظر ساعتها، تبرهن على خنوعها للظروف مثل خروتشوف أمام ستالين.
سنمنع أيضا - وهذا هو الأساسي بدون شك - أن تحارب الانتهازية من طرف الجماهير، وأن هذه المحاربة ستعمل على تربيتها.
تمت تصفية عشرات الأطر وسط حزب العمال الألباني، هل رأينا في الحقيقة ولو مرة واحدة، أي انتقادات سياسية وجهت لهم؟
إن التجربة الماضية قد علمتنا ألا نأخذ بعين الاعتبار سوى نضالات المجتمع الاشتراكي والحزب، بدون هذا إذن، لا نبرهن عن أي تجذر فعلي في تصفية البورجوازية، فعلى الأكثر نسقط في تجذر لفظي، ذلك الذي لا يمنع أبدا العناصر البورجوازية من أن تكون موجودة.
كخلاصة، يجب تسطير أن النقد الخاطئ، الذي يوجهه أنفير خوجة لماو لا يوجه إليه وحده. بالفعل، إذا كان ماو قد نظم ونظر بشكل كامل المفهوم الماركسي للحزب الشيوعي على ضوء تجربة الحزب الشيوعي الصيني والحركة الشيوعية العالمية، فإنه لم يعمل سوى على تطوير اللينينية في هذا المجال.
لقد مارس لينين جيدا قبل ماو صراع الخطوط داخل الحزب البلشفي، فإليكم ماذا كتب لينين في المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي (البلشفي) الروسي في سنة 1921 خلال الصراع ضد اتجاه "المعارضة العمالية":
"إن مؤتمر الحزب البلشفي يرفض بشكل قاطع هذه الأفكار التي تترجم انحرافا نقابويا و أناركيا، ويعتبر ضروريا:
1 – الالتزام بخوض نضال منهجي وبلا هوادة ضدها.
2 – الاعتراف بأن الدعاية لهذه الأفكار لا يتوافق مع الانتماء للحزب البلشفي.
إن المؤتمر، وهو يحمل اللجنة المركزية للحزب مسؤولية التطبيق، بالشكل الأكثر صرامة لهذه القرارات، فإنه يشير في نفس الوقت إلى أنه يمكننا، ويجب علينا، إعطاء مكان في المنشورات والكراريس الخاصة إلخ ...لتبادل وجهات النظر الأكثر اتساعا بين أعضاء الحزب حول القضايا المشار إليها" قرارات المؤتمر العاشر للحزب البلشفي الروسي، المجلد 32، ص 259.
لقد تبنى حزب لينين هذا الموقف بعد أن نظم نقاشا واسعا حول خط "المعارضة العمالية" ونقاشا عموميا:
"لقد فتحنا النقاش الأكثر توسعا والأكثر حرية، لقد نشر برنامج "المعارضة العمالية" في الجهاز المركزي للحزب ب 250000 نسخة".
لقد منع المؤتمر دعاية المعارضة العمالية، وجعل إجباريا الدعاية للخط الذي تبناه المؤتمر، لكن لم يمنع متابعة النقاش النظري وانتخاب أعضاء من "المعارضة العمالية" في اللجنة المركزية. لقد رسم المؤتمر ولينين حدا بين الحركة التكتلية لجزء من البلاشفة، والنقاش المفتوح والحر بين البلاشفة من أجل بلورة خط الحزب:
"ونتمنى في اللجنة المركزية، حيث نقبل بتواجد أنصار هذا الانحراف، أن هؤلاء الأخيرين سيكون لهم اتجاه قرار المؤتمر، الموقف الذي يوافق كل مناضل واع ومنضبط، نتمنى أنه بمساعدتهم ستحدد اللجنة المركزية هذا الحد بدون خلق وضعية خاصة، سوف نوضح ما يقع وسط الحزب: الدعاية للأفكار داخل حزب يقود صراعا سياسيا، أو تبادل الآراء في منشورات وكراسات خاصة" (مجلد 32، ص 267).
أشار لينين في تقريره عن نشاط المؤتمر العاشر:
"يجب أن تساعدنا هذه المناقشة على فهم أن حزبنا، الذي يضم على الأقل نصف مليون عضوا، وحتى أنه يفوق ذلك، قد أصبح أولا، حزبا جماهيريا، ثانيا، حزبا حكوميا، وبأنه حزب جماهيري، فقد كان يعكس جزئيا ما كان يحدث خارج صفوفه، إنه في غاية الأهمية فهم ذلك" (مجلد 32، ص 184).
بين أطروحات أنفير خوجة وأطروحات لينين و ماو تسي تونغ ألا يوجد عطب؟
الفصل الرابع
الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية هو بمثابة ثورة
يصرح أنفير خوجة بهذا الحكم السخيف حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى:
"إن مجرى الأحداث يبين على أن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لم تكن ثورة، لم تكن لا كبيرة ولا ثقافية ولم تكن أبدا بروليتارية، فلم تكن سوى انقلاب قصر على مستوى عموم الصين، من أجل تصفية حفنة من الرجعيين، اللذين استولوا على السلطة".
انقلاب حرك عشرات وعشرات الملايين! من الناس، انقلاب قصر، الذي أثار اهتمام العالم كله وحماس كل البروليتاريين الواعيين وكل الشيوعيين الحقيقيين، بما فيهم، في تلك المرحلة، حزب العمل الألباني، إن هذا على الأقل سيستحق نقدا ذاتيا[2].
لنترك النقد الذاتي: إن هذا يستحق على الأقل تحليلا معمقا من طرف أنفير خوجة، لكن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ينظر إليها من زاوية عدسة صغيرة. لا يوجد أي تحليل لصراع الطبقات ولا مراجع للتحولات الكبرى، التي أجرتها الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى على جميع مستويات المجتمع، لا تحليل للخط الذي اتبعه ماو في الثورة الثقافية، ف أنفير خوجة يتمسك بالمظاهر الشكلية للثورة الثقافية، ويريد التنقيص منها على قاعدة النقد الاستعراضي أو التأويلات المتحيزة لبعض المظاهر الخاصة لهذه الثورة.
يمكن أن نلخص بهذا الشكل رأي أنفير خوجة حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى:
1 – كون الثورة الثقافية قد أصبحت ضرورية من أجل قيادة الصراع ضد التحريفيين هو أصلا علامة على وجود أخطاء خطيرة، وانحرافات عن الماركسية – اللينينية في الماضي: لبيرالية تجاه البورجوازية داخل الحزب وخارجه.
2 – ليست الثورة الثقافية سوى صراع اتجاهات حركة أثارها نداء أطلقه ماو تسي تونغ "الذي أغرق الصين في الفوضى".
3 – "لكن المهم يبقى في كون هذه الثورة "الثقافية البروليتارية الكبرى" لم يقدها لا الحزب ولا البروليتاريا".
4 – "بطبيعة الحال، هذه الثورة الثقافية كانت خداعا، فقد صفت في نفس الوقت الحزب الشيوعي الصيني والتنظيمات الجماهيرية ..." ص 410 – 413.
I - من أين جاءت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى (ص 46)
إن رأي أنفير خوجة وكل مكونات تيار نقد ماو، الذين يحافظون عليه بدعاية متواصلة هو هذا:
إن إطلاق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كان من الضروري بسبب ليبرالية الحزب الشيوعي الصيني، من حقيقة أن الحزب الشيوعي الصيني لم يكن عليه أن يقود صراعا من أجل تطهيره وتقويته، وبالتالي فإن حزبا سيقود مثل هذا التطهير المنهجي، سيكون بإمكانه، في ظروف الاشتراكية أن يتجاوز مثل هذه الثورة. إذن فإنه من الضروري الوقوف عند الظروف التي جعلت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضرورية.
إن رأي ماو حول ضرورة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أو حول ثورة من هذا النوع، من حيث المبدأ، من أجل قيادة الصراع ضد البورجوازية وممثليها داخل الحزب، تستند عل تحليل لتجربة الثورة الصينية وتجربة دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفياتي.
***
إن رأي أنفير خوجة هو قبل كل شيء، تم تكذيبه من خلال مسار الثورة الصينية. هل بدون الحديث عن صراع الخطوط وحملات التصحيح، التي تم القيام بها قبل انتصار 1949، يمكننا أن نتخيل للحظة أن التحويلات الاشتراكية الكبرى التي وصفناها (الفصل II) قد تحققت تلقائيا، إذا جاز التعبير "بشكل طبيعي"، الجواب بالنفي بطبيعة الحال. لقد تحققت هذه التحولات عبر صراع طبقات نشيط جدا، والذي كان الحزب انعكاسا له.
إن حركات التصحيح والحملات ضد اليمين البورجوازي والصراعات في الميدان الثقافي لم تتوقف أبدا منذ انتصار 1949 إلى غاية الثورة الثقافية، وأكثرها أهمية كانت حركات "سانغان و ووفان" (1951 – 1952)، الصراع ضد المجموعة المعادية للحزب كاوو – كانغ – جاوو شوش، الصراع ضد مجموعة الثورة المضادة ل هو فينغ (1955) و صراعات الخطوط المتعددة حول الحركة من أجل التعاون الزراعي، سنة 1957، الصراع ضد اليمين البورجوازي مقدمة ل "القفزة الكبرى إلى الأمام"، الصراع ضد انحراف اليسار خلال القفزة الكبرى (الانحراف الذي يعزيه أنفير خوجة بسخاء إلى ماو، ص 458)، الصراع ضد بينغ تهواي 1959 فيما يخص تقدير نتائج القفزة الكبرى.
ابتداء من 1960، بدأ الصراع ضد ليو شا وشي، الذي دام إلى غاية الثورة الثقافية ... هذه الصراعات كانت قاسية جدا، وأدت إلى إجراءات تطهير وحملات تصحيح، لقد كانت هذه الحركات "حركة التربية الاشتراكية" مباشرة قبل الثورة الثقافية، وقد حلل ماو هذه الحركات هكذا:
"في الماضي، قدنا صراعا في البوادي والمعامل والأوساط الثقافية، واضطلعنا بحركة التربية الاشتراكية دون أن نتمكن رغم ذلك من أن نحل المشكل، لأننا لم نجد شكلا ومنهجا يسمح بحشد جماهير واسعة بشكل مفتوح في جميع الميادين، انطلاقا من القاعدة لكي نشجب جانبنا المظلم".
إن تحليل هذه الصراعات قاد ماو إلى أن يدرك أن الحركات "العادية" لتصليب الحزب والتصحيح لن تسمح ب "حل المشكل"، فهذه الحركات سمحت بالكاد ب "ملامسة" مشكل الانتهازيين، وليس محاربة الانتهازية بعمق. أكثر من ذلك، عندما كانت الانتهازية تسيطر على قطاع من الحزب أو منطقة، فإن حركة التطهير "العادية" سمحت لأطر اليمين أنفسهم، سواء كانوا مسؤولين عن التصحيح في قطاعاتهم بتحويلها بالكامل، وعلى مستوى بلد كالصين، يمكن أن نتخيل بكل سهولة الخسائر، التي كان يمكن أن تسببها ممارسات مثل هذه.
بعد تحويل ملكية وسائل الإنتاج، أصبح صراع الطبقات حادا، وبالأساس داخل الحزب، وعشية الثورة الثقافية حصل التحريفيون على مواقع صلبة داخل الحزب والدولة. كان يجب "إيجاد شكل" من الصراع الذي سيسمح ب "حل المشكل"، هذا الشكل الجديد أصبح ضروريا، ليس لأن الحركات "العادية" للتطهير لم يتم القيام بها، لكن لأنها بالضبط لم تبرهن على أنها كافية.
إذا كان مجرى الأحداث في الصين قد وصل ب ماو إلى تغيير شكل الصراع ضد البورجوازية والانتهازية، فليس لأن ذلك بسبب خصوصيات الثورة الصينية: إن التجربة الماضية للحركة الشيوعية العالمية، وخاصة للاتحاد السوفياتي كانت تمشي في نفس الاتجاه.
لا يشكك أنفير خوجة في "ليبرالية" ستالين ومع ذلك فتجربة إعادة الرأسمالية إلى الاتحاد السوفياتي هي هنا، من أجل تبيان أن الصراع ضد البورجوازية داخل الحزب حسب الطرق "العادية" لا يمكن أن يحل المشكل. لقد ضرب ستالين وقيادة الحزب الشيوعي السوفياتي عددا من العناصر البورجوازية، ومع كل ذلك فبضربهم انطلاقا من القمة، انطلاقا من قرارات اللجنة المركزية أو المكتب السياسي، فالنتيجة الوحيدة التي كانت، أن عددا من التحريفيين وعناصر منحلة (حيث يعد خروتشوف النموذج الأصلي) انبطحت وتظاهرت بالموت منتظرة ساعتها ...
بناء على هذا التحليل للثورة في الصين وفي الاتحاد السوفياتي، بنى ماو نظريته والخط السياسي للثورة الثقافية. إن الثورة الثقافية كانت إذن مصممة كنتيجة لحصيلة التجربة الإيجابية والسلبية للحركة الشيوعية العالمية، وبالضبط لتجربة دكتاتورية البروليتاريا.
II – الطبقات وصراع الطبقات في ظل الاشتراكية
يتجه نقد أنفير خوجة ل ماو فيما يتعلق بالثورة الصينية حول الأشكال المتخذة من طرف الثورة: وجود وصراع التكتلات "نهج فوضوي"، مواجهات إلخ ... إنه يؤاخذ على الثورة الثقافية كونها كانت فقط ثورة بكل بساطة.
إن مفاهيم أنفير خوجة هاته، مرتبطة بتحليله للاشتراكية والشيوعية، للطبقات وصراع الطبقات في المجتمع الاشتراكي وفي الحزب الشيوعي.
أشار ماو في سنة 1957:
"إذا كنا نخاف من الاضطرابات ونحسم في الحالات بشكل تبسيطي، فإن السبب الأساسي هو أنه في العمق، في خلفية الفكرة لا نتقبل بأن المجتمع الاشتراكي يشكل وحدة تناقضات، وأنه توجد تناقضات، طبقات وصراع الطبقات".
يدين أنفير خوجة الثورة الثقافية ككل، لسبب يتعلق ب "الاضطرابات"، فبالنسبة ل أنفير خوجة فإن الاشتراكية هي مجتمع تمت فيه تصفية البورجوازية، مجتمع تحرر من العداوات الطبقية، مجتمع لا توجد فيه إلا الطبقة العاملة والفلاحين المتعاونين وشريحة المثقفين الاشتراكيين، يتميز هذا المجتمع ب "وحدة الشعب" كقوة اجتماعية دافعة، ومع ذلك، فحزب العمل الألباني يعترف أن صراع الطبقات يستمر في الوجود، لكن أي طبقات تعارض طبقات أخرى؟ إنه لغز! (انظر "ألبانيا اليوم"، 2 – 1976).
هذه الأطروحات خاطئة، ولا تتطابق لا مع الواقع ولا مع أطروحات ماركس وانجلز ولينين حول الاشتراكية.
على العكس من ذلك، يسطر الماركسيون – اللينينيون على أن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية هو ثورة، يعني أن مواصلة قلب طبقة (البورجوازية) من طرف طبقة (البروليتاريا) وأن أخذ السلطة من طرف البروليتاريا ليس إلا بداية الثورة.
"هذه الاشتراكية هي إعلان دائم للثورة، دكتاتورية طبقة البروليتاريا، كنقطة انتقالية ضرورية للوصول إلى إزالة اختلافات الطبقات بصفة عامة، إلى إزالة كل علاقات الإنتاج التي تتكئ عليها، إلى إزالة كل العلاقات الاجتماعية، التي تتطابق مع علاقات الإنتاج هذه، إلى قلب كل الأفكار التي تنبثق عن هذه العلاقات الاجتماعية" كارل ماركس.
إن إنجاز هذه المهام من طرف دكتاتورية البروليتاريا هو محك صراع طبقات شرس بين البروليتاريا والبورجوازية.
إليكم كيف يتحدث لينين عن المواجهات الطبقية:
"إن دكتاتورية البروليتاريا هي الحرب الأكثر بطولية والأكثر عنادا للطبقة الجديدة ضد عدو أكثر قوة، ضد البورجوازية، حيث أن مقاومتها تزداد بعشرة أضعاف بسبب أنه تمت الإطاحة بها إلخ ..." لينين، "المرض الطفولي للشيوعية".
يتحدث ماركس عن "إعلان دائم للثورة"، ويتحدث لينين عن "حرب".
"إن إزالة الطبقات هو نتيجة صراع طبقات طويل، صعب وعنيد، الذي، بعد قلب سلطة الرأسمال، بعد القضاء على الدولة البورجوازية، بعد إقامة دكتاتورية البروليتاريا لا تختفي ... بل لا تعمل سوى على تغيير شكلها لكي تصبح أكثر شراسة بطرق عديدة" لينين.
إن صراع الطبقات هو تغيير للشكل، هذه هي أطروحة لينين، لكنه يصبح "أكثر شراسة في نواحي كثيرة"، فهاهنا توجد العقبات، طبعا لا يمكن للينين أن يصف حقا هذه التغييرات في شكل صراع الطبقات، لسبب واحد، أنه لم يكن له ليخترع المجرى المستقبلي للثورة، لكن من الواضح أنه يتحدث عن هذه التغييرات في الشكل بالنسبة لكل المرحلة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا. إن دكتاتورية البروليتاريا لا يمكن تصورها إلا في علاقة مع وجود طبقة يتم اضطهادها و وجود الطبقات بصفة عامة.
مع ذلك، في مرحلة أخرى، كانت قد تقدمت أطروحة خاطئة، مفادها، أنه بعد تحول ملكية وسائل الإنتاج، تختفي العداوات من المجتمع الاشتراكي، هذه الأطروحة يمكن تلخيصها في هذه الجملة: "الطبقات المستغلة (كسر الغين) تمت تصفيتها".
عرفت هذه الأطروحة النور في الاتحاد السوفياتي بعد نجاح تجميع الزراعة. بالتأكيد، فإن نهاية الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج هو انتصار مهم وتحول مهم في علاقات الإنتاج، ولكنها لا تشكل انتصارا "نهائيا" أو حتى "أساسيا" لصراع الطبقات في المجتمع: كونها محرومة من وسائل الإنتاج، فإن البورجوازية لم يتم القضاء عليها نهائيا، ولا هي ممنوعة من أن تعود للتشكل، وأحسن برهان هو تجربة الاتحاد السوفياتي، حيث ولدت بورجوازية وتطورت على قاعدة الملكية الاشتراكية لوسائل الإنتاج بإفراغها شيئا فشيئا من محتواها، فالشيوعيون السوفيات، وعلى رأسهم ستالين، قاموا بتحليل خاطئ للمجتمع الاشتراكي بعد تحويل ملكية وسائل الإنتاج، فقد ظنوا أن هذا التحويل كان يمثل واقعا أساسيا جدا لدرجة أنهم طعنوا في أطروحة لينين حول استمرار صراع الطبقات تحت أشكال أخرى[3].
إن هذه الأطروحة الخاطئة المنتقدة منذ وقت طويل من طرف ماو والحزب الشيوعي الصيني، التي يحاول أنفير خوجة اليوم استعادتها هي قفزة عظيمة إلى الوراء. إن هذا الانحراف هو أساس الموقف الذي طوره أنفير خوجة عن الثورة الثقافية ...
في الحقيقة، فإن تحول ملكية وسائل الإنتاج لا يعمل عل اختفاء البورجوازية ولا باقي الطبقات، فهي تغير ظروف وجودها، العلاقات فيما بينها والشكل الذي يأخذه صراع الطبقات. إن هذا هو التحليل الذي يشكل المساهمة الأساسية لماو وللثورة الثقافية ... لنظرية الماركسية – اللينينية لدكتاتورية البروليتاريا.
***
إن وجود البورجوازية في ظل الاشتراكية يمكن أن يفسر كالتالي:
- حرمت البورجوازية القديمة من وسائل إنتاجها، وهي مضطرة لتعمل من أجل أن تأكل، فهذه حقيقة مهمة والتي تضعف هذه الطبقة، لكن لم يتم تصفيتها، فهي تحتفظ بمواقف صلبة: في جهاز الدولة، في تدبير الاقتصاد، في ميدان التعليم وداخل الأنتلجنسيا أيضا، فهذه المواقف لا يمكن القضاء عليها قبل وقت طويل: لا يمكن للطبقة العاملة أن تستغني على الفور عن "كفاءات" هؤلاء البورجوازيين، لأطفال هؤلاء البورجوازيين، فخلال مدة طويلة تميزوا عن أطفال البروليتاريين في المدرسة. إن هؤلاء البورجوازيين ما زالوا مرتبطين ببعضهم، ويستغلون الأخطاء والنواقص التي لا يمكن تفاديها لسلطة دكتاتورية البروليتاريا لحماية أنفسهم والتدخل في الجهاز الإداري وحتى في الحزب الشيوعي، فكل هذا لا يمكن محوه بسرعة.
- إن الاشتراكية هي مجتمع انتقالي، وهو يبقى حتى بعد التغييرات في ميدان ملكية وسائل الإنتاج، قاعدة اقتصادية تسمح بتشكل "بورجوازية جديدة". أولا، ليست الملكية الجماعية على مستوى الإنتاج الصغير (فلاحين، حرفيين) بعد ملكية اشتراكية لوسائل الإنتاج: تكون بعض الملكيات الجماعية (كومونات شعبية أو تعاونيات) غنية، وأخرى فقيرة، وحسب نمط التوزيع، فبعض العمال يمكنهم أن يتلقوا أكثر من الآخرين، وفي الأخير تبقى قطع صغيرة خاصة تسمح بنوع من الاغتناء. إن المبدأ الاشتراكي "كل حسب عمله" على مستوى التوزيع يجعل بعض التفاوتات الفعلية بين المنتجين تظل باقية. يستمر الإنتاج نفسه في العمل حسب تقسيم العمل الموروث عن المجتمع الرأسمالي، فلم يلغ المجتمع في مجموعه "التناقضات الثلاثة الكبرى": المدينة – البادية، عامل – فلاح، عمل يدوي - عمل فكري، كل هذا لا يمكن أن يمحى فورا.
- على مستوى البنية الفوقية، فالبورجوازية القديمة تحتفظ فقط ببعض المواقع، لكن تخلق أيضا بورجوازية جديدة، فما زال جهاز الدولة معزولا عن الجماهير إلى حد ما، وحيث ما زال بعيدا عن الهدف الذي حدده لينين: "هدفنا هو العمل على ملإ وظائف الدولة مجانا لجميع العمال بمجرد ما ينهون ثمان ساعات عملهم ب "مهام" داخل الإنتاج: إنه صعب بشكل خاص تحقيق ذلك، لكن هنا فقط توجد مجانية التوطيد النهائي للاشتراكية".
من بين هؤلاء الموظفين، اللذين هم في البداية شر لابد منه، تتوفر البورجوازية القديمة على مجال للفساد:
"أولئك اللذين يعتبرون الانتصار على الرأسماليين من وجهة نظر الملكيات الصغيرة - "كسبوا بسرعة والآن جاء دورنا" – يولد جيل جديد من البورجوازية".
يوجد هؤلاء الموظفين، في ظل الاشتراكية، في وضع موضوعي للبورجوازية الصغيرة المأجورة في ظل الرأسمالية، ومن البديهي أن المظهر يمس الحزب الشيوعي نفسه.
في ظل الاشتراكية، تعمل الدولة على تطبيق القانون الذي يحمي المجتمع الاشتراكي ويثبت فيها معايير الاشتغال.
كما لاحظ ماركس ذلك: "لا يمكن للقانون أبدا أن يكون فوق الحالة الاقتصادية للمجتمع ودرجة التحضر التي تناسبه" لذلك، في مجتمع انتقالي كالمجتمع الاشتراكي، فالقانون يحمي، ليس فقط مكتسبات الاشتراكية، مظاهرها الأكثر تقدما والأكثر شيوعية، لكن أيضا، العيوب الموروثة عن الرأسمالية، لهذا السبب يستمر "الحق البورجوازي" في الوجود في ظل الاشتراكية.
من هنا يظهر، أن البورجوازية القديمة التي لم تمح بعد، تتوفر في المجتمع الاشتراكي على مجال ملائم لرشوة بعض العناصر، حيث هذه العناصر هم "البورجوازيون الجدد"، اللذين يظهرون، ليس بسبب تغيير في مبادئ الاشتراكية، لكن بطبيعة الاشتراكية نفسها، مجتمع انتقالي.
باستعادة أنفير خوجة وحزب العمل الألباني لتحليل الطبقات الخاطئ للحزب الشيوعي (ب) في سنة 1936 فهم ينفون وجود بورجوازية في ظل الاشتراكية لأنهم وجدوا في تغيير البورجوازية لشكلها تصفية لهذه البورجوازية نفسها[4].
ترجمة: جميلة صابر
يتبع بحلقة أخيرة
الهوامش
[1] ـ إنه من الممكن جدا أن أخطاء تم ارتكابها في هذا الاتجاه من طرف الحزب الشيوعي الصيني، بل من طرف ماو، ولا نرفض بطبيعة الحال معالجتها، لكن معالجة مثل هذه الأخطاء، يجب أن يكون على ضوء النظرية الماركسية – اللينينية حول الحزب وليس على "ضوء" أطروحة مضادة لهذه النظرية، مثل نظرية "المونولوتيزم"، التي تم تأكيدها عبر كل تاريخ الحركة الشيوعية العالمية.
[2] ـ لن نورد التصريحات التي لا تعد ولا تحصى لحزب العمل الألباني من كل قادته السياسيين، التي كانت تغمر ماو بالمديح، والتي تشير إلى القيمة الكونية والنطاق التاريخي للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. على سبيل المثال، يمكن للقارئ أن يرجع، من بين نصوص أخرى لخطاب م. شيهو 11- 10 – 67 في شنغهاي وافتتاحية "زيري إي بوبليت": "الطبعة الألبانية لاقتباسات ماو تسي تونغ، هدية كبيرة وثمينة للشعب الصيني الأخ" اللتان صدر كلاهما في "بيكين- أنفورماسيون"، عدد 44، سنة 1967. في الآونة الأخيرة، يمكن أن نورد الكتيب المنشور كملحق ل "ألبانيا اليوم" عدد 6 – 1973 بمناسبة تخليد للذكرى 80 لميلاد ماو تسي تونغ في ألبانيا، دون أن ننسى الخطابات والرسائل بمناسبة وفاة ماو (1976).
[3] ـ هذه الأطروحات تم تطويرها من طرف ستالين في تقريره للمؤتمر 18 للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي، وفي خطابه حول دستور 1936، مسائل اللينينية، مجلد 2، ص 748 – 84، 838 – 39، 858 – 62، 873 – 85. يمكن قياس تطور فكر ستالين بمقارنة هذه النصوص بالنص السابق: "من انحراف اليمين في الحزب الشيوعي (البلشفي) الروسي" قضايا اللينينية، مجلد 1، ص من 311 إلى ص 409.
[4] ـ يتحدث أنصار التحليل الطبقي ل أنفير خوجة عن اختفاء البورجوازية، ولكن ليس باقي الطبقات. يمكن دفعهم إلى ملاحظة أنه باتباع منطقهم، أنه حتى البروليتاريا لا وجود لها ما دامت قوة العمل لم تعد تشترى وتباع بحرية في السوق، ولا بورجوازية صغيرة هي أيضا ما دام الإنتاج الصغير قد تمت تصفيته: لن تكون إذن أي طبقات في ظل الاشتراكية.