Ok
En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.
Aller au contenu
Le Centre Marxiste-Léniniste d'Etudes, de Recherches et de Formation
الـشــرارة
من الشرارة يولد اللهيب
الشرارة، الأداة النظرية للمركز الماركسي ــ اللينيني
للدراسات و الأبحاث و التكوين
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
من أجل خط ثوري ماركسي ــــ لينيني
-
تقديم عام
تعتبر الماركسية النظرية الثورية للبرولتاريا العالمية، و ارتبط اسمها بقائدان و معلمان برولتاريان هما كارل ماركس (1818 -1883) و فردريك انجلز(1820 – 1895)، و لعب كارل ماركس و رفيقه فردريك انجلز دورا كبيرا في نشر الفكر الماركسي الثوري وسط الطبقة العاملة العالمية، حتى أضحت الماركسية النظرية الثورية العلمية الوحيدة للطبقة العاملة، ذات المشروع التاريخي الساعي إلى تحرير المجتمع البشري من قيود الاستغلال الاقتصادي الرأسمالي و الاضطهاد القومي، المرتبط به و من كل أشكال الاستيلاب الاقتصادي و الإديولوجي، و من أجل ذلك دعت الماركسية إلى تحقيق الاشتراكية عبر تحطيم الدولة الرأسمالية و إقامة دولة دكتاتورية البرولتاريا الاشتراكية على طريق بناء المجتمع الخالي من الطبقات: المجتمع الشيوعي.
نشأة الماركسية
بدأت الماركسية تتبلور كنظرية ثورية تدريجيا قبيل منتصف أربعينيات القرن 19، و قد نشأت في ظروف سياسية و اقتصادية و اجتماعية و فكرية مميزة لتلك المرحلة.
«لقد كانت ألمانيا منشأ الفكر الماركسي، تعرف آنذاك غليانا و توترا فكريا و سياسيا ساهم في تأجيجه التأخر التاريخي لألمانيا في ذلك الوقت، علما أن كلا من بريطانيا و فرنسا كانتا قد عرفتا تطورا سياسيا و اقتصاديا توجته الثورات البرجوازية في البلدين، بينما كانت ألمانيا المجزأة إلى مجموعة من الدويلات لا زالت تجر ذيول القرون الوسطى على المستوى السياسي و الإديولوجي، بينما كان النمو الرأسمالي داخلها بطيئ جدا، و بطبيعة الحال كان للثورة الفرنسية (ثورة برجوازية قامت بفرنسا سنة 1789 و أطاحت بالنظام الملكي) تأثير كبير على المثقفين و الفلاسفة الألمان الذين بدأوا تحت ذلك التأثير، يدعون إلى الثورة في ألمانيا ضد الأنظمة الاستبدادية، و من أجل توحيد ألمانيا، و هما المطلبان الديموقراطيان الأساسيان لتلك الفترة، لكن تطور الثورة الألمانية كثورة برجوازية ضد بقايا الإقطاع و النظام الاستبدادي الألماني قد وافق من الناحية التاريخية دخول الطبقة العاملة الأوربية بصفة عامة و الألمانية بصفة خاصة على مسرح التاريخ، خلافا لما كانت عليه شروط الثورتين الانجليزية و الفرنسية، فبعد انكشاف طبيعة هاتين الثورتين و شعاراتها الكاذبة حول الأخوة و المساواة و الحرية و تبيان طبيعتها الطبقية في خدمة البرجوازية، ثم انفضاح طبيعة الديموقراطية البرجوازية كدكتاتورية الأقلية على الأغلبية، تحركت الطبقة العاملة للنضال ضد النظام الجديد كنظام استغلالي طبقي جديد، و بموازاة ذلك نشأت مجموعة من المذاهب و النظريات الاشتراكية و الشيوعية كتعبير عن الاحتجاج ضد الاستغلال الطبقي الرأسمالي و كمحاولات بدائية لإيجاد بديل عنه، و انتشر هذا الفكر داخل أوربا و تشكلت على أساسه مجموعة من المنظمات و الأحزاب الاشتراكية و الشيوعية.
«عرف القرن 19 ثورات علمية كبيرة خاصة في ميدان العلوم الطبيعية أزاحت المناهج الميتافيزيقية في تلك العلوم عن عرشها، بما يعني تقدما في دراسة الظواهر الطبيعية دراسة شاملة و في ترابطاتها، و يأتي على رأس هذه الاكتشافات:
1- اكتشاف قانون بقاء الطاقة و تحولها و هي خطوة هامة على طريق فهم حركة المادة و تطورها.
2- اكتشاف الخلية الحية في علم البيولوجيا باعتبارها أساس وجود الكائنات الحية (إنسان، حيوان، نبات) (كل الكائنات الحية مشكلة من خلايا و يتطور الكائن الحي من خلال عملية انشطار دائم وسط الخلايا فتموت الخلية لتولد أخرى).
3- نظرية داروين (1809- 1882) حول تطور الأنواع (نظرية النشوء و الإرتقاء)، و التي شكلت ضربة للفكر الميتافيزيقي و الديني، لأنها تبين من جهة كيف نشأت الأنواع (النبات، الحيوان، الإنسان) من البسيط إلى المعقد، و كيف يتسلسل ذلك التطور بحيث تنشأ من داخل كل نوع أنواع أخرى. و قد اكتشف شارل داروين كيف انبثق الإنسان عن فصيلة مشتركة مع القرود، و قد شكلت نظريته بشكل عام ضربة قاضية لنظرية "الخلق الدينية" (كرياسيونيزم) و للمناهج الميتافيزيقية في علوم الإناسة و غيرها.
« في ألمانيا التي كانت تعتبر بلدا متخلفا بالنسبة لدرجة نموها الاقتصادي (كانت الرأسماية تتطور بشكل جنيني و بطيئ في بداية القرن 19) فقد كانت على المستوى الفلسفي تزخر بنشاط فكري و ازدهار فلسفي كبير توج بظهور فلاسفة عظام من أمثال إيمانويل كانط و شوبنهاور و فيختة و فردريك هيجل قمة الفلسفة الكلاسيكية الألمانية إلى جانب ليودفيغ فيورباخ، و قد خصص انجلز كتابه في هذا الموضوع تحت عنوان "ليودفيغ فيورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية".
لقد ساهمت فلسفة هيجل في تقديم و تطوير الفكر و المنهج الجدليين، و إن كانت تلك الفلسفة مثالية من حيث إجابتها عن السؤال الأساسي في الفلسفة: أسبقية المادة أم الفكر. و قد ساهم فيورباخ بدوره من خلال نقده للفلسفة الهيجلية في تطوير الفلسفة المادية بإعطائه الأولوية للمادة على الفكر. و من المعلوم أن كلا من كارل ماركس و فردريك انجلز قد تأثرا بهذين الفيلسوفين من حيث تشبعهما بالفكر الديالكتيكي الهيجلي، لكن جعلاه يقف على قدميه بعد أن كان يقف على رأسه، و ذلك بإعطائه الأساس المادي، و عندما صدرت كتابات فيورباخ المدافعة عن المادية اعتبرا ذلك خطوة عظيمة سيستفيدان منها كثيرا فيما بعد، و لذلك تعتبر الماركسية نفسها مدينة لهذين الفيلسوفين الكبيرين.
شكلت هذه الشروط عموما السياق العام لنشأة الفكر الماركسي و نظريته الثورية، و قد ساعد على هذه النشأة الانخراط المبكر لكل من كارل ماركس و فردريك انجلز في مختلف النضالات السياسية و الفكرية و الفلسفية التي كانت تزخر بها المرحلة على الصعيد الأوربي و على صعيد ألمانيا، فانخرطا في العمل الصحافي و السياسي و الثقافي و العلمي و الفلسفي الثوري، على قاعدة الانتماء للنضال الديموقراطي الثوري بداية ثم الانتقال إلى النشاط الشيوعي الثوري بعد ذلك. و في سياق كل هذا اكتشفا الدور التاريخي للطبقة العاملة كحاملة مشروع مجتمعي ثوري، و قد ساعدهما على ذلك نشاطهما المكثف في مجموعات منظمة تم خلقها من طرفهما (المجموعات المسماة "لجان المراسلات الشيوعية")، أو كانت قائمة فقاما بتطويرها و تثويرها و وضع البرنامج الثوري لها و قواعد العمل التنظيمي داخلها مثال "العصبة الشيوعية" التي شكل "البيان الشيوعي" الذي قام بصياغته كل من كارل ماركس و فردريك انجلز أول بيان سياسي لحزب ماركسي.
في بوتقة النضالات العمالية و الفلسفية و السياسية و الفكرية نشأت الماركسية و تطورت على أيدي مؤسسيها العظيمين كارل ماركس و فردريك انجلز. و قد ساهم نقدهما لأهم النظريات الفلسفية و الاقتصادية و السياسية في نشوء الفكر الماركسي، على قاعدة مادية جدلية و تاريخية أدت إلى اكتشافات علمية و فلسفية كبيرة.
لقد شكلت الماركسية ثورة فلسفية جديدة فتحت الباب لتطور علم الثورة الماركسي، القائم على وحدة متينة للديالكتيك و المنطق و نظرية المعرفة، و على دور تاريخي للطبقة العاملة، الذات الثورية، الحاملة للمشروع الثوري التاريخي. و قد ساهم هذا النقد الثوري في بناء المصادر الثلاثة للفكر الماركسي، الذي انبنى على مساهمات نقدية حاسمة أدت إلى ثورات ثلاث:
- ثورة فلسفية (المادية الجدلية و التاريخية).
- ثورة في الاقتصاد السياسي (نظرية القيمة و فائض القيمة).
- ثورة في المجال السياسي (نظرية الاشتراكية العلمية).
1 ـــ الثورة الفلسفية
(المادية الجدلية و المادية التاريخية)
لقد اهتم ماركس منذ ريعان شبابه بالفلسفة الهيجلية، و تأثر كذلك بفلسفة فيورباخ المادية، إلا أن كل من كارل ماركس و رفيقه في النضال فردريك انجلز، لم يقفا عند هذا الحد، بل قاما بنقد ثوري جذري لفلسفتهما، مؤسسين بذلك فلسفة المادية الجدلية و التاريخية، و هما السلاحان الأساسيان للطبقة العاملة في نضالها ضد الفكر الطبقي البرجوازي بكل منوعاته، إنها فلسفة البراكسيس الثوري التي أسست لعلم الثورة البرولتاري.
2 ـــ ثورة في الاقتصاد السياسي
كانت بريطانيا في مجال الاقتصاد السياسي، البلد الأكثر تطورا من الناحية النظرية، لكونها كانت البلد الرأسمالي الأكثر تقدما، و لذلك نشأ فيها عدد مهم من كبار المدرسة الاقتصادية الكلاسيكية، و في مقدمتهم كل من أدم سميث (1723- 1790) و دافيد ريكاردو (1772-1823)، و قد قاما كلاهما بمساهمة في تبلور نظرية القيمة، إلا أنهما بحكم انتمائهما الطبقي و دفاعهما عن الطبقة الرأسمالية ضد الإقطاع، لم يستطيعا سبر جوهر نظرية القيمة، و كان كارل ماركس الذي طبق الديالكتيك المادي على الاقتصاد السياسي، من اكتشف لأول مرة نظرية فائض القيمة التي قال عنها لينين بأنها حجر الزاوية في النظرية الاقتصادية الماركسية. و قد ساهمت نظرية القيمة عند ماركس في تسليح الطبقة العاملة، بنظرية علمية في صراعها ضد البرجوازية و النظام الرأسمالي، و جعلت من الاشتراكية نظرية علمية بعدما كانت نظرية طوباوية.
3 ـــ ثورة في المجال السياسي
(الاشتراكية العلمية)
كانت فرنسا بحكم الخصوصية التاريخية (ثورة 1789 و ما تلاها من ثورات و تغيرات سياسية في فرنسا)، البلد الذي عرف انتشارا كبيرا للنظريات الاشتراكية، التي أعطت أسماءا بارزة في هذا المجال منهم شارل فوريي (1772- 1837)، سان سيمون (1760 – 1825)، برودون (1809 – 1865) إضافة إلى الانجليزي الاشتراكي الطوباوي روبرت أووين(1772- 1858).
و إذا كانت الاشتراكية ما قبل الماركسية قد أعطت أفكارا جنينية و تصورات أولية مهمة عن الاشتراكية أو الشيوعية، إلا أنها ظلت طوباوية في مشروعها لتغيير المجتمع الرأسمالي، الذي اعتمد على النقد أو النصح الأخلاقي و التوجه إلى كل من البرولتاري و البرجوازي للقيام بهذا التغيير، و في كل هذا ظلت عاجزة عن إدراك قوانين النظام الرأسمالي و قوانين التطور التاريخي، مما أفقدها أي طابع علمي و غيب عن منظورها ذلك الدور الثوري للطبقة العاملة، صاحبة المشروع التاريخي الجديد، لذلك أطلق عليها اسم "الاشتراكية الطوباوية"، في مقابل الاشتراكية العلمية التي أسس لها كل من كارل ماركس و فردريك انجلز (انظر كتاب انجلز "الاشتراكية الطوباوية و الاشتراكية العلمية").
إن كل محاولة لتقديم تعريف شامل للماركسية، لا بد أن تتوقف عند التعريف الذي أعطاه أحد تلامذة كارل ماركس الثوريين: فلادمير إليتش أوليانوف لينين حيث يقول:
"إن مذهب ماركس هو كلي القدرة، لأنه محق، إنه متناسق و كامل، و هو يعطي مفهوما متماسكا عن العالم، غير متوافق مع أي ضرب من الانحرافات و مع أي نوع من الدفاع عن الطغيان البرجوازي، إنه الوريث الشرعي لأفضل ما أبدعته الإنسانية في القرن 19، الفلسفة الألمانية و الاقتصاد السياسي و الاشتراكية الفرنسية". انظر مقالة لينين"مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكونة الثلاثة".
و خلاصة القول، تقوم الماركسية على مرتكزين أساسيين (سنعمل على توضيحهما في عروض لاحقة)، هما المادية الجدلية و المادية التاريخية. فالديالكتيك علم القوانين العامة لتطور الطبيعة و الفكر الإنساني (الديالكتيك الموضوعي و الديالكتيك الذاتي) و المادية التاريخية التي هي علم تطبيق المادية الجدلية على تاريخ المجتمع البشري بجميع مراحله و أنماطه المختلفة، و تقوم على مقولة الصراع الطبقي باعتباره محركا للتاريخ : "إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلز فيما بعد: ما عدا تاريخ المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات" ("البيان الشيوعي"، كارل ماركس، فردريك انجلز)، و على الجماهير المنتجة باعتبارها صانعة التاريخ.
إن هذا الطرح شكل ضربة قوية لكل المفاهيم المثالية و الفلسفية و النخبوية الرجعية للتاريخ (العظماء من ملوك و سلاطين و أباطرة هم صناع التاريخ، أو كما يقال اليوم "الفاعلون السياسيون " أي النخب المتسلطة على رقاب الجماهير).
نوال صامد
في 29 دجنبر 2014