Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

  • مهمات الاشتراكيين الديمقراطيين الروس ــ الحلقة الاولى ــ

    نظرا لطول هذا النص، يقوم موقع الشرارة بنشره في حلقتين، على أن يتم نشر النص كاملا في ملف بدف عند نشر الحلقة الثانية.

    ــــــــــــ ـــــــــــ

    مهمات الاشتراكيين الديمقراطيين الروس

    الكراسة: مُهمَّات الاشتراكيّين الديمقراطيين الرُّوس

    المؤلف :فلاديمير أيليتشأوليانوف – لينين.

    في المنفى بسيبيريا في أواخر عام 1897

    تقديم :

    بعد أن قضى لينين 16 شهرا في زنزانة سجنه، نفي إلى قرية شوشنسكويه في سيبيريا، و كالعادة، و رغم وجوده في منطقة نائية، لم يتوقف لينين عن نشاطه الوقاد. لقد قرأ العديد من الكتب والملفات، واستعمل المراسلة على نطاق واسع. و في غضون السنوات الثلاث، التي قضاها في المنفى، قام بتأليف أكثر من 13 كتابا و كراسات، بما في ذلك "تطور الرأسمالية في روسيا"، "مهام و واجبات الاشتراكيين الديموقراطيين الروس"، "مشروع برنامج حزبنا"، "تعليق على ميزة الرومنطيقية الاقتصادية" .

    في مقدمة الطبعة الثانية لكراسة "مهام الاشتراكيين الديموقراطيين الروس" (غشت 1906)، و قد صدرت الكراسة لأول مرة في دجنبر 1902، و قامت بنشرها "عصبة الاشتراكية الديموقراطية الروسية الثورية بالخارج".

    أما تاريخ كتابتها من طرف لينين فهو سنة 1897، وتنتمي الكراسة إلى المرحلة الثانية في تاريخ الاشتراكية الديموقراطية الروسية، حسب تصنيف "ما العمل؟"، حيث حدد لينين تلك المراحل:

    المرحلة الأولى: من 1884إلى 1894

    المرحلة الثانية: من 1894 إلى 1898

    المرحلة الثالثة: من 1897 إلى 1898 حيث سيطرة "الاقتصادوية".

    ويقول لينين في مقدمته:

    في المرحلة الثانية لم نر، بخلاف المرحلة الثالثة اختلافات بين الاشتراكيين الديموقراطيين فيما بينهم، فقد كانت الاشتراكية الديموقراطية إيديولوجيا، واحدة، و حينها، كانت كذلك محاولة لتحقيق الوحدة العملية في مجال التنظيم (بناء الحزب العمالي الاشتراكي الديموقراطي لروسيا). لقد كان اهتمام الاشتراكيين الديموقراطيين الروس آنذاك منصبا بشكل رئيسي، ليس على توضيح و حل هذه المشاكل أو أخرى الداخلية للحزب، كما هو الحال في المرحلة الثالثة، بل خوض نضال إيديولوجي ضد خصوم الديموقراطية الاشتراكية من جهة، و تطوير النشاط العملي للحزب، و ممارسة الاشتراكيين الديموقراطيين، التي لم تظهر في مرحلة الاقتصادوية.

    هذا هو السياق العام للكراسة، وللمرحلة، التي كانت تنخرط فيها، حيث كان الصراع يخاض ضد الخصوم الإيديولوجيين للاشتراكية الديموقراطية، ولذلك لا نجد صعوبة في الربط بين النضال السياسي والاقتصادي.

    إن الكراسة موجهة إلى أعضاء "نارودويانا فوليا" و " ناروديويا برافو"، و تحاول إعطاءهم شرحا للمبادئ، التي يمكن أن تزيل سوء الفهم أو التحفظ تجاه الحركة الجديدة (أي اتجاه الاشتراكية الديموقراطية). و يقارن لينين المرحلة الثانية و مرحلة ما بعد نهاية الاقتصادوية، حيث كان الفارق بين النظرية و البرنامج و المهام التكتيكية و الممارسة تسير نحو الاندثار، في نفس الوقت الذي كانت فيه الاقتصادوية تعيش آخر أيامها، و لذلك أصبحت المرحلة تشبه المرحلة الثانية، مما جعل الدعوة إلى تعميق و توسيع النشاط العملي لأن الشروط النظرية للعمل كانت قد تمت بلورتها. وقد كرس لينين مجهودا نظريا كبيرا في هذا المجال من خلال كراسة "ما العمل؟".

    منذ المرحلة الثانية تطورت التيارات الشعبوية، وانتقلت إلى تسمية جديدة "الاشتراكيون الثوريون" بعدما راجعت مجموعة من الأطروحات القديمة، لكنها وقفت في منتصف الطريق دون أن تستطيع الانتقال إلى الاشتراكية العلمية، الاشتراكية الثورية الوحيدة، وظلت تضع على نفس المستوى العامل والفلاح والمثقف، ونشر الكراسة من جديد سنة 1906، كان هدفه المساعدة على التوضيح بالنسبة لهذه التيارات كما كان في المرحلة الثانية.

    مهمَّات الاشتراكيّين الديمقراطيين الرُّوس

    ــــ ملخص ــــ

    حمو خالد

    الحلقة الأولى

    لقد قسم لينين هذه الكراسة إلى المراحل التالية:

    * المرحلة الأخيرة منها تعود إلى مجال الحاضر، وجزئياً إلى مجال المستقبل،

    * المرحلة الثَّالثة مُسماة بمرحلة سيطرة (أو، على الأقل، الانتشار الواسع) التيار الاقتصاديّ، ابتداء من 1897- 1898،

    * المرحلة الثَّانية تشمل سنوات 1894- 1898،

    * المرحلة الأولى سنوات 1884- 1894.

    نحن لا نرى في المرحلة الثَّانية، على نقيض المرحلة الثَّالثة، أي خلافات في أوساط الاشتراكيّين – الدِّيمقراطيّين أنفسهم. فقد كانت الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة موحدة فكرياً آنذاك، وآنذاك أيضاً قامت محاولة لبلوغ الوحدة كذلك عملياً، تنظيمياً (تشكيل حزب العمال الاشتراكيّ – الدِّيمقراطيّ الرُّوسي). وآنذاك كان انتباه الاشتراكيّين – الدِّيمقراطيّين الرئيسي موجهاً ليس نحو توضيح وحلّ هذه أو تلك من القضايا الحزبية الداخلية (كما في المرحلة الثَّالثة)، بل نحو الصراع الفكري ضد خصوم الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، من جهة، ونحو تطوير النَّشاط الحزبي العمليّ من جهة أخرى.

    وبين نظرية الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين ونشاطهم العمليّ، لم يكن ثمة ذلك التناقض الذي كان قائماً في عهد الاقتصادويّة.

    إن هذه الكراسة تعكس بالضبط خصائص الوضع آنذاك، ومهمات الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة حينها. والكراسة تدعو إلى تعميق النَّشاط العمليّ وتوسيعه لأنه لا يرى أي "عقبات" تواجه ذلك من جراء غموض نظرات ومبادئ ونظريات عامة، ولا يرى المصاعب (التي لم يكن لها وجود آنذاك) في الجمع بين النِّضال السِّياسيّ والنِّضال الاقتصاديّ. وتتوجه الكراسة إلى خصوم الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة بتوضيحاتها المبدئية، وإلى النارودوفوليين[1]والنارودوبرافيين[2]، ساعية إلى تبديد الآراء الخاطئة والأوهام التي تحملهم على الوقوف على هامش الحركة الجديدة.

    وفي الوقت الحاضر، إذ توشك أن تنتهي مرحلة الاقتصادويّة حسب كل احتمال، يبدو موقف الاشتراكيّين – الدِّيمقراطيّين من جديد مماثلاً للموقف الذي كان منذ خمسة أعوام. طبيعي أن المهام التي تواجهنا الآن (كما يقول لينين) أعقد بما لا يُقاس، نظراً لنمو الحركة نمواً عملاقاً في هذه الحقبة من الزمن، ولكن خصائص الوقت الحاضر الأساسيَّة تكرر، على أساس أوسع وعلى مقياس أكبر، خصائص المرحلة الثَّانية. وأن التنافر بين نظريتنا وبرنامجنا ومهامنا التكتيكيَّة ونشاطنا العمليّ يزول مع زوال الاقتصادويّة. ونحن من جديد نستطيع ويجب علينا أن ندعو بجرأة إلى تعميق وتوسيع النَّشاط العمليّ، لأن توضيح المقدمات النظرية لهذا النَّشاط قد تحقق إلى حد كبير. ومن جديد يجب علينا أن نولي انتباهاً خاصاً إلى الميول غير الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة السرية في روسيا، إذ تبدو أمامنا من جديد ومن حيث الجوهر، نفس الميول التي تجلت في النصف الأول من السنوات التسعين من القرن الماضي، ولكنها الآن أكثر تطوراً بكثير، أكثر تكوناً بكثير، أكثر "نضجاً" بكثير.

    أما النظرية الوحيدة للاشتراكية الثَّوريّة، النظرية التي لا تعرف الإنسانية المعاصرة غيرها، أي الماركسيَّة، فإنهم يحيلونها إلى الأرشيفات استناداً إلى نقد بورجوازي "الاشتراكيّون"! وانتهازي "الثَّوريّون"! إن انعدام الأفكار وانعدام المبدأ يقودانهم عملياً إلى "المغامرة الثَّوريّة" التي تتجلى، فيما تتجلى في سعيهم إلى أن يضعوا على مصف واحد فئات وطبقات اجتماعية كالمثقفين والبروليتاريا والفلاحين، وفي دعايتهم الصاخبة للإرهاب "المنهاجي"، وفي برنامج الحدِّ الأدنى الزراعي السيء الذكر الذي وضعوه (جعل الأرض ملكية اجتماعية – التعاون – الربط بحصة الأرض. انظر الايسكرا العددان 23 و24)، وفي موقفهم من اللِّيبراليّين (انظر "ريفولوتسيونايا روسيا" العدد 9...)، وفي أشياء كثيرة أخرى، سيتأتى علينا، أغلب الظن، أن نتناولها أكثر من مرة. فلا تزال في روسيا كثرة كثيرة من العناصر الاجتماعيّة والظُّروف الاجتماعيّة التي تغذي تذبذب المثقفين، وتثير رغبة الأفراد ذوي الميول الراديكاليّة في الجمع بين القديم الذي ولى عهده والحديث الدارج غير المؤهل للحياة، وتعيقهم عن دمج قضيتهم مع البروليتاريا التي تخوض نضالها الطَّبقيّ، بحيث أنه سيترتب على الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة الرُّوسية أن تحسب الحساب لميل أو ميول مثل "الاشتراكيّة – الثَّوريّة"، ما دام التَّطوُّر الرأسماليّ وتأزم التناقضات الطَّبقيّة لم يقضيا على كل تربة لها.

    إن الاشتراكيّة – الدِّيمقراطيّة تواجهها في الوقت الحاضر بقوة خاصة، مهمة وضع حدٍّ لكل تشتت وكل تذبذب في أوساطها، ورصِّ صفوفها بمزيد من الوثوق والالتفاف تنظيمياً تحت راية الماركسيَّة الثَّوريّة، وتوجيه جميع الجهود نحو توحيد جميع الاشتراكيّين – الدِّيمقراطيّين العاملين فعلاً، نحو تعميق وتوسيع نشاطهم، ناهيك عن إيلاء انتباه جديّ لتوضيح الأهمية الحقيقية للميلين المذكورين أعلاه، اللذين ترتبا من زمان على الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة أخذهما بالحسبان، لتوضيح هذه الأهمية لأوسع جمهور ممكن من المثقفين والعمال.

    إن النصف الثاني من العقد العاشر يتصف بانتعاش رائع في وضع القضايا الثَّوريّة الرُّوسية وحلِّها. فإن ظهور الحزب الثَّوريّ الجديد "نارودنويه برافو"، ونجاحات الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين وتعاظم نفوذهم، والتَّطوُّر الداخلي في "نارودنايا فولياّ" – كل هذا أثار نقاشاً نشيطاً للمسائل البرنامجية سواء في حلقات الاشتراكيّين – المثقفين والعمال – أم في المنشورات السرية. وفي هذا الميدان الأخير، تنبغي الإشارة إلى"المسألة الملحة" و"البيان" (عام 1894) لحزب "نارودنويه برافو"، و"الورقة الطائرة لفرقة نارودنايا فوليا"، و"رابوتنيك" التي يصدرها في الخارج"اتحاد الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الرُّوس"، والنَّشاط المتعاظم فيما يخص إصدار الكراسات الثَّوريّة، ولا سيما منها للعمال في روسيا، والعمل التَّحريضي الذي يقوم به في سانت بطرسبورغ "اتحاد النِّضال من أجل تحرير الطبقة العاملة" الاشتراكيّ الدِّيموقراطيّ، بالارتباط مع الإضرابات المشهورة في بطرسبورغ عام 1896، إلخ..

    وفي الوقت الحاضر (أواخر 1897)، نرى أن المسألة الألح إنما هي مسألة نشاط الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين العمليّ. ونشير إلى الجانب العمليّ من الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، لأن جانبها النظري، قد اجتاز، على ما يبدو، أحد المراحل من حيث العناد في عدم تفهم الخصوم، مرحلة الميول المشتدة لسحق التيار الجديد عند ظهوره بالذات، هذا من جهة، ومرحلة الدفاع العنيد عن أسس الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، من جهة أخرى. فإن آراء الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين النظرية تبدو اليوم بما يكفي من الوضوح من حيث سماتها الرئيسية والأساسيَّة. ولكنه لا يمكن قول الشيء نفسه عن الجانب العمليّ من الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، عن برنامجها السِّياسيّ، عن طرائق عملها وتاكتيكها. ويخيل لنا أن في هذا الميدان بالضبط يسود أكثر ما يمكن من سوء الفهم ومن قلة الفهم المتبادل، الأمر الذي يحول دون قيام تقارب تام بين الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة والثَّوريّين الذين تخلوا كلياً، في حقل النظرية، عن مفاهيم "نارودنايا فوليا" والذين، في حقل النَّشاط العمليّ، إما يعمدون بحكم الأمور إلى الدعاية والتَّحريض بين العمال، حتى أنهم يضعون نشاطهم بين العمال على صعيد النِّضال الطَّبقيّ، وإما يعمدون إلى إبراز المهمات الدِّيموقراطيّة لكي يتخذوها أساساً لكل البرنامج ولكل النَّشاط الثَّوريّ. وإذا لم نكن على خطأ، فإن السمة الأخيرة تنطبق على الفرقتين الثَّوريّتين اللتين تعملان الآن في روسيا إلى جانب الاشتراكيّين الدِّيموقراطيّين: فرقة "نارودنايا فوليا" وفرقة "نارودنويه برافو".

    ولذا نعتبر من المناسب بخاصة أن نحاول تفسير المهمات العمليّة الموضوعية أمام الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة وعرض الأسباب التي تدفعنا إلى اعتبار برنامجها البرنامج الأكثر عقلانية بين البرامج الثلاثة القائمة، واعتبار الاعتراضات الموجهة إليه قائمة بمعظمها على سوء فهم.

    معلوم أن نشاط الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين العمليّ يستهدف قيادة نضال البروليتاريا الطَّبقيّ وتنظيم هذا النِّضال بمظهريه: الاشتراكيّ (النِّضال ضد طبقة الرأسماليّين، النِّضال الذي يرمي إلى القضاء على نظام الطبقات وتنظيم المجتمع الاشتراكيّ)، والدِّيموقراطيّ (النِّضال ضد الحكم المطلق، النِّضال الذي يرمي إلى الظفر بالحرية السِّياسيّة في روسيا وإشاعة الدِّيموقراطيّة في نظام هذا البلد، السِّياسيّ، والاجتماعيّ). وقد قلنا: معلوم. وبالفعل، إن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الرُّوس قد بينوا دائماً بدقة تامة هذا الهدف من نشاطهم، وذلك منذ ظهورهم اتجاهاً اجتماعياً ثورياً مستقلا؛ وأشاروا دائماً إلى مظهري نضال البروليتاريا الطَّبقيّ، وإلى ازدواج مضمونه، وألحوا دائماً على الصلة الوثقى التي لا تنفصم عراها بين مهماتهم الاشتراكيّة والدِّيموقراطيّة، هذه الصلة التي وجدت تعبيراً جلياً لها في الاسم الذي أطلقوه على أنفسهم. ومع ذلك، فإنكم غالباً ما تلتقون، حتى في هذه الأيام، اشتراكيين يكوّنون عن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين فكرة من أشد الأفكار ضلالاً، ويتهمونهم بتجاهل النِّضال السِّياسيّ، إلخ..

    فلنتوقف إذن عند سمة مظهري النَّشاط العمليّ للاشتراكية – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية.

    لنبدأ بالنَّشاط الاشتراكيّ:

    منذ أن بدأ "اتحاد النِّضال من أجل تحرير الطبقة العاملة" الاشتراكيّ – الدِّيموقراطيّ عمله بين عمال سانت بطرسبورغ، أمكن الظن أن طابع النَّشاط الاشتراكيّ – الدِّيموقراطيّ لا بد أن يكون واضحاً تماماً بهذا الصَّدد.

    1- إن عمل الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الرُّوس الاشتراكيّ يتقوم في الدعاية لتعاليم الاشتراكيّة العلمية، في نشر مفهوم صحيح بين العمال عن النظام الاجتماعيّ والاقتصاديّ الحالي، عن أسس هذا النظام وتطوره، عن مختلف الطبقات في المجتمع الرُّوسي، والعلاقات فيما بينها، ونضال هذه الطبقات فيما بينها، ودور الطبقة العاملة في هذا النِّضال، وموقفها من الطبقات التي تسير بطريق الزوال، والطبقات التي تتطور، وموقفها من ماضي الرأسماليّة ومستقبلها، وعن المهمة التاريخية الموضوعة أمام الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة العالمية والطبقة العاملة الرُّوسية.

    2-إن التَّحريض بين العمال لعلى صلة وثيقة مع الدعاية، وهو يشغل طبعاً المرتبة الأولى في أوضاع روسيا السِّياسيّة الراهنة، نظراً لمستوى تطور الجماهير العاملة.

    إن التَّحريض بين العمال يتقوم فيما يلي:

    -إن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين يشتركون في جميع المظاهر العفوية لنضال الطبقة العاملة، في جميع النزاعات بين العمال والرأسماليّين بسبب يوم العمل، والأجور، وشروط العمل.. إلخ.. إلخ..ومهمتناأن ندمج نشاطنا مع قضايا حياة العمال العمليّة، المعيشية، ونساعد العمال على فهم جوهر هذه المسائل، أن نلفت انتباه العمال إلى أهم التجاوزات، ونساعدهمعلى أن يصوغوا، بمزيد من الدقة والروح العمليّة، المطالب التي يتقدمون بها من أرباب عملهم، ونطورعند العمال وعي تضامنهم، وعي مصالحهم المشتركة والعمل المشترك لجميع العمال الرُّوس، بوصفهم طبقة عاملة موحدة تؤلف قسماً من جيش البروليتاريا العالمي.

    - تنظيمالحلقات بين العمال، إقامة علاقات صحيحة وسرية بين هذه الحلقات وفرقة الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين المركزية، إصدار وتوزيع المنشورات العُمَّاليَّة، تنظيم إرسال المراسلات من جميع مراكز الحركة العُمَّاليَّة، إصدار وتوزيعالمناشير التَّحريضية والنداءات، تكوينفريق من المحرضين المحنكين، تلك هي، بخطواتها العامة، مظاهر النَّشاط الاشتراكيّ للاشتراكية – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية.

    -إن عملنا موجه، قبل كل شيء، وفوق كل شيء، نحو عمال المصانع، عمال المدن. فعلى الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية أن لا تبعثر قواها، إنما يجب عليها أن تركز جهودها في صفوف البروليتاريا الصناعية، الأكثر تطوراً ثقافياً وسياسياً، الأهم من حيث عددها وتمركزها في مراكز البلاد السِّياسيّة الكبرى. ولذا كان إنشاء منظمة ثورية متينة بين عمال المصانع، بين عمال المدن، المهمة الأولى والألح بين مهام الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، المهمة التي يكون في أقصى الجنون الانصراف عنها في الوقت الحاضر. ولكننا، مع اعترافنا بضرورة حصر قوانا بين عمال المصانع ومعه شجبنا لبعثرة هذه القوى، لا نريد أبداً أن تتجاهل الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية سائر فئات البروليتاريا والطبقة العاملة الرُّوسيتين. كلا. إن العامل الرُّوسي في المصنع ملزم في أغلب الحالات، بحكم شروط حياته بالذات، بإقامة أوثق الروابط مع الحرفيين، مع هذه البروليتاريا الصناعية المنتشرة خارج المصانع في المدن والقرى، والعائشة في أوضاع أسوأ بكثير. إن العامل الرُّوسي في المصنععلى صلة مباشرة أيضاً مع سكان الريف (غالباً ما تعيش أسرة العامل في الريف)، فلا يستطيع بالتالي ألا يقترب أيضاً من البروليتاريا الريفية، من ملايين العمال الزراعيين المحترفين والمياومين، وكذلك من هؤلاء الفلاحين الذين حل بهم الخراب، والذين يتشبثون بقطع حقيرة من الأرض، فينصرفون إلى أعمال السخرة وإلى "مورد للرزق" كيفما اتفق، أي إلى هذا العمل المأجور نفسه. وإن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الرُّوس ليرون من غير المناسب الآن توجيه قواهم نحو الحرفيين والعمال الزراعيين، ولكنهم لا يريدون إطلاقاً إهمال هذه البيئة، وسيسعون أيضاً إلى إنارة العمال الطليعيين حول المسائل المتعلقة بحياة الحرفيين والأجراء الزراعيين، لكي يستطيع هؤلاء العمال، حين يتصلون بفئات البروليتاريا الأكثر تأخراً منهم، أن يحملوا إليها أفكار النِّضال الطَّبقيّ والاشتراكيّة والمهمات السِّياسيّة للديموقراطية الرُّوسية بوجه عام والبروليتاريا الرُّوسية بوجه خاص. وليس من الصواب أن نرسل المحرضين إلى هؤلاء الحرفيين والأجراء الزراعيين، طالما هناك مثل هذا القدر الكبير من العمل الذي يجب القيام به بين عمال المصانع، عمال المدن؛ ولكن العامل الاشتراكيّ يدخل، في جملة من الحالات، ودون قصد منه، في صلة مع هذه البيئة، ويجب عليه أن يعرف كيف يستفيد من هذه الحالات ويدرك المهمات العامة للاشتراكية – الدِّيموقراطيّة في روسيا. ولذا يخطئون فادح الخطأ أولئك الذين يتهمون الاشتراكية – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية بضيق الأفق، وبالرغبة في تجاهل سواد السكان الكادحين، والاهتمام فقط بعمال المصانع وحدهم. فالأمر بالعكس. فإن التَّحريض بين الفئات المتقدمة من البروليتاريا هو آمن وسيلة، والوسيلة الوحيدة لإيقاظ (بقدر ما تتسع الحركة) البروليتاريا الرُّوسية بأسرها. إن ترويج الاشتراكيّة وفكرة النِّضال الطَّبقيّ بين عمال المدن لا بد له أن يسوق هذه الأفكار بأقنية أضيق، وأكثر تشعباً: ولهذا الغرض، كان من الضروري أن تمد هذه الأفكار جذورها عميقاً في بيئة أحسن استعداداً، وتغذي، بوفرة، هذه الطليعة من الحركة العُمَّاليَّة الرُّوسية والثَّورة الرُّوسية.

    إن الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة الرُّوسية، إذ توجه كل قواها نحو العمل بين عمال المصانع، لمستعدة أيضاً أن تدعم أولئك الثَّوريّين الرُّوس ممن يقودهم النَّشاط العمليّ إلى وضع الاشتراكيّة على صعيد نضال البروليتاريا الطَّبقي، وهي في هذه الحال، لا تخفي إطلاقاً أي تحالف عملي مع سائر فئات الثَّوريّين لا يمكن له ولا يجب أن يؤول إلى مساومات أو إلى تنازلات في حقل النظرية والبرنامج والراية. إن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الرُّوس لمقتنعون بأن مذهب الاشتراكيّة العلمية والنِّضال الطَّبقيّ، هو وحده الذي يمكن أن يكون في الوقت الحاضر النظرية الثَّوريّة التي تقوم مقام راية الحركة الثَّوريّة،

    ولذا فإنهم سيروجون له بكل قواهم ويحمونه من التأويلات الخاطئة، ويهبون ضد جميع المحاولات الرامية إلى ربط الحركة العُمَّاليَّة التي لا تزال فتية في روسيا، بمذاهب أقل دقة ووضوحاً. فإن الشروحات النظرية تبرهن، ونشاط الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين العمليّ، يبين أنه يجب على جميع الاشتراكيّين في روسيا أن يصبحوا اشتراكيين – ديموقراطيين.

    لننتقل إلى مهمات الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين الدِّيموقراطيّة وإلى عملهم الدِّيموقراطيّ.

    إننا نعيد القول مرة أخرى، أن هذا العمل يرتبط بالعمل الاشتراكيّ ارتباطاً وثيقاً لا تنفصم عراه.

    إن الاشتراكيّين – الدِّيموقراطيّين، إذ يقومون بالدعاية بين العمال، لا يستطيعون التهرب من القضايا السِّياسيّة، بل يعتبرون كل محاولة للتهرب منها أو حتى للتأجيل هفوة كبيرة وانتهاكاً للمبادئ الأساسيَّة للاشتراكية – الدِّيموقراطيّة العالمية. فإلى جانب الدعاية للاشتراكية العلمية، يأخذ الاشتراكيّون الدِّيموقراطيّون الرُّوس على عاتقهم مهمةالدعاية أيضاً للأفكار الدِّيموقراطيّة بين جماهير العمال، ويسعون إلى نشرمفهوم الحكم المطلق بكل ظاهرات نشاطه، مفهوم مضمونه الطَّبقيّ، وضرورة إسقاطه، واستحالة النِّضال بنجاح في سبيل قضية العمال دون الحصول على الحرية السِّياسيّة وإشاعة الدِّيموقراطيّة في النظام السِّياسيّ والاجتماعيّ في روسيا. والاشتراكيّون – الدِّيموقراطيّون، إذ يقومون بين العمال بعمل تحريضي يرتكز على المطالب الاقتصاديّة المباشرة، إنما يربطون به ربطاً وثيقاً التَّحريض المرتكز على الحاجات السِّياسيّة المباشرة للطبقة العاملة، على شقائها ومطالبها؛ التَّحريض ضد النير البوليسي الذي يتجلى في كل إضراب، في كل نزاع بين العمال والرأسماليّين، التَّحريض ضد تقييد حقوق العمال بوصفهم مواطنين في روسيا بوجه عام، وبوصفهم الطبقة التي تعاني أشد الاضطهاد وأشد الحرمان من الحقوق بوجه خاص، التَّحريض ضد كل ممثل بارز وخادم للحكم المطلق يحتك مباشرة بالعمال ويبين بوضوح للطبقة العاملة عبوديتها السِّياسيّة.

    وإذا كانت لا توجد مسألة في حياة العمال، في ميدان الاقتصاد، لا يجب استخدامها في أغراض التَّحريض الاقتصاديّ، كذلك لا توجد مسألة في حقل السياسة لا يجب استخدامها في أغراض التَّحريض السِّياسيّ. إن التَّحريض الاقتصاديّ والتَّحريض السِّياسيّ كلاهما ضروري على حد سواء لتطوير وعي البروليتاريا الطَّبقيّ، لأن كل نضال طبقي هو نضال سياسي.إن شكلي التَّحريض كليهما، إذ يوقظان وعي العمال وينظمانهم، ويعودانهم الطاعة، ويربيانهم للقيام بنشاط تضامني وللنضال في سبيل المثل العليا الاشتراكيّة – الدِّيموقراطيّة، سيمكنان العمال من امتحان قواهم فيما يتعلق بالقضايا التي تمسهم عن كثب، فيما يتعلق بحاجاتهم المباشرة، إنهما سيمكنانهم من انتزاع تنازلات جزئية من عدوهم فيحسنون وضعهم الاقتصاديّ، ويجبرون الرأسماليّين على أن يحسبوا الحساب لقوة العمال المنظمة، ويكرهون الحكومة على توسيع حقوق العمال والإصغاء لمطالبهم، إذ يبقونها في خوف دائم من الجماهير العاملة المعادية لها، السائرة بقيادة منظمة اشتراكية – ديموقراطية متينة.

    لقد أشرنا إلى الصلة الوثقى التي تربط بين الدعاية والتَّحريض الاشتراكيّين والدِّيموقراطيّين، وإلى التوازي الكلي للعمل الثَّوريّ في كل من المجالين. ولكنه يوجد أيضاً فرق كبير جداً بين مظهري النَّشاط والنِّضال. وقوام هذا الفرق، أن البروليتاريا تكون وحدها إطلاقاً في النِّضال الاقتصاديّ بينما يكون ضدها أسياد الأراضي النبلاء والبرجوازيّة، ولا تحظى إلا بمساعدة (ليس دائماً، طبعاً) عناصر البورجوازيّة الصَّغيرة التي تنجذب نحو البروليتاريا. في حين أن الطبقة العاملة الرُّوسية ليست وحدها في النِّضال الدِّيموقراطيّ السِّياسيّ، فإلى جانبها تنضم جميع عناصر المعارضة السِّياسيّة، جميع فئات السكان وجميع الطبقات التي تعادي الحكم المطلق، وتحاربه بهذه الأشكال أو تلك. وإلى جانب البروليتاريا، تقف أيضاً عناصر المعارضة البورجوازيّة، أو الطبقات المتعلمة، أو من البورجوازيّة الصغيرة، أو من القوميات، أو من الأديان، أو من الطوائف.. إلخ، ..إلخ، التي يضطهدها الحكم المطلق.

    وهنا يوضع السؤال بشكل طبيعي تماماً:

    -أولاً، كيف يجب أن تكون علاقات الطبقة العاملة مع هذه العناصر؟

    -وثانياً، ألا يجب على الطبقة العاملة أن تتحالف مع هذه العناصر من أجل القيام بنضال مشترك ضد الحكم المطلق؟ (يتبع بحلقة ثانية وأخيرة مع رابط للنص كاملا بصيغة بدف)

    الهوامش:

    [1]ــ النارودوفوليون، أعضاء حزب (نارودنايا فوليا) (إرادة الشعب) وهو حزب ثوري غير شرعي، تأسس عام 1879. واستهدف الإطاحة بالأوتوقراطية والظفر بالحرية السِّياسيّة في روسيا. وقد لجأ النارودفوليون في كفاحهم ضد القيصريَّة إلى الإرهاب الفردي، ونظموا جملة من الاعتداءات على كبار الموظفين القيصريين، واغتالوا في أول آذار/ مارس 1881 القيصر ألكسندر الثاني. وقد اعتقد أعضاء "نارودنايافوليا" خطأ أن فريقاً غير كبير من الثَّوريّين يستطيع، دون الاعتماد على الحركة الثَّوريّة الجماهيرية، أن يستولي على السُّلطة ويقضي على الأوتوقراطية.

    بعد اغتيال ألكسندر الثاني، واجهت الحكومة القيصريَّة "نارودنايا فوليا" بأعمال القمع الضارية. ولكن محاولات قامت إثر ذلك غير مرة لبعث المنظمة. ففي عام 1891 ظهرت "فرقة النارودنافوليين" التي حاولت أن تقوم بالنِّضال الثَّوريّ بروح "نارودنايا فوليا" في السبعينيات والثمانينيات. دامت "فرقة النارودفوليين" حتى عام 1896. وفيما بعد انضمت أغلبية أعضائها إلى حزب الاشتراكيّين – الثَّوريّين.

    [2]ــ النارودوبرافيون، أعضاء حزب "نارودنويه برافو" (حق الشعب) – منظمة غير شرعية للمثقفين الدِّيمقراطيّين استهدفت توحيد جميع قوى المعارضة من أجل النِّضال ضد الأتوقراطية. تأسست عام 1893. أصدرت وثيقتين برنامجيتين: "القضية الملحة"، و"البيان". فيما بعد، انضمت أغلبية النارودبرافيين إلى حزب الاشتراكيّين – الثَّوريّين.