Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

بناء الأحزاب الماركسية ــ اللينينية: السياقات، السيرورات، الأفكار و التجارب ــ القسم الخامس

بناء الأحزاب الماركسية – اللينينية

(السياقات، السيرورات، الأفكار والتجارب)

القسم الخامس

التجربة التاريخية للحزب الشيوعي الصيني

تقديم:

في نونبر 1919، وفي تقريره المقدم إلى المؤتمر الثاني لروسيا، الخاص بالمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق، أكد لينين على أهمية المميزات الخاصة للثورة في بلدان الشرق، وقال في هذا الصدد:

"... إن الثورة الاشتراكية لن تكون فقط، ولا بشكل رئيسي نضالا للبروليتاريا الثورية في كل بلد ضد بورجوازيتها، الجواب بالنفي، بل ستكون نضالا لكل المستعمرات وكل البلدان المضطهدة من طرف الامبريالية ... إننا نعرف أن الجماهير الشعبية في الشرق ستتدخل هنا كمساهمة وخالقة لحياة جديدة، لأن هاته المئات الملايين من البشر تنتمي إلى أمم تابعة، محرومة من حقوقها، كانت لحد الآن موضوع السياسة الدولية للإمبريالية باعتبارها مجرد سماد للثقافة والحضارة الرأسمالية ...

إننا نعرف، أنه بعد 1905، انفجرت ثورات في تركيا وفي بلاد فارس، وفي الصين ... إن الحرب الامبريالية قد ساهمت في صعود الحركة الثورية، ذلك أنها قامت بإشراك الفرق الاستعمارية بكاملها في صراع الإمبرياليات بأوروبا. لقد انتزعت الحرب الامبريالية الشرق من سباته، وجرت الشعوب إلى السياسة الدولية ... بعد الفترة التي استيقظ فيها الشرق، تبعتها، ضمن الثورة الحالية، فترة حيث شعوب الشرق بدأت تساهم في تقرير مصائر العالم حتى لا تظل مجرد مصدر للاغتناء. لقد استيقظت شعوب الشرق من أجل النشاط العملي من أجل أن يقرر كل شعب في مصير الإنسانية جمعاء ... إن أغلبية هذه الشعوب هم الممثلون المميزون للجماهير الكادحة، ليس العمال فقط، اللذين تمرسوا في مدرسة المعامل والمصانع الرأسمالية، بل الممثلون المميزون للجماهير الكادحة والمستغلة من الفلاحين الخاضعين لنير القروسطوية.

هنا تنطرح عليكم مهمة لم تطرح بعض على شيوعي العالم كله على قاعدة النظرية و التطبيق العام للشيوعية، عليكم، من خلال التكيف مع الظروف الخاصة، غير الموجودة في بلدان أوروبا، التعلم من أجل تطبيق هذه النظرية، وهذا التطبيق هنا، حيث الفلاحون يشكلون الجماهير الرئيسية، وحيث يتعلق الأمر، ليس بالنضال ضد الرأسمال بل ضد بقايا القرون الوسطى ... عليكم أن تطرحوا هذه المسائل وحلها بمساعدة تجربتكم الخاصة، وستكونون مدعمين من جهة، من طرف تحالفكم الوثيق مع طليعة كل العمال في البلدان الأخرى، ومن جهة أخرى، عن طريق قدرتكم على التقرب من شعوب الشرق التي تمثلونها هنا. سيكون عليكم أن تعتمدوا على الوطنية البورجوازية، التي استيقظت عندهم، ولا يمكن ألا تستيقظ، فوطنيتها مبررة تاريخيا، وعليكم أن تجدوا بشكل مواز طريق الجماهير الكادحة والمستغلة في كل بلد، وأن تقولوا لها في لغة مبسطة أن أملها الوحيد من أجل التحرر هو انتصار الثورة العالمية، وأن البروليتاريا العالمية هي الحليف الوحيد لمئات الملايين من الكادحين والمستغلين في الشرق ...

تلك هي المهمة الكبيرة بشكل استثنائي التي تنطرح عليكم بفضل هذه المرحلة من الثورة، وهذا الزخم للحركة الثورية، التي لا يمكن أن نجعلها موضع شك، فالمجهودات المشتركة للمنظمات الشيوعية في الشرق، ستقودها بشكل جيد، وستنتهي إلى الانتصار الشامل على الامبريالية العالمية".

إن أقوال لينين هاته، وصوته قد دوى في الصين، وقد قال ماو:

"إن الثورة الصينية هي امتداد لثورة أكتوبر، إنها جزء من الثورة العالمية الاشتراكية البروليتارية".

هكذا، ستقدم الصين للعالم تجربة ثاني أكبر حزب ماركسي ــــــ لينيني في التاريخ، تلك التجربة التي أكدت صحة المبادئ التي بلورها قائد الثورة البلشفية فلاديمير لينين، وذلك في مجال بناء الحزب الثوري من طراز جديد، وقد أغنت الثورة الصينية هذه المبادئ بإسهامات جديدة وخلاقة.

إن هذه التجربة الملموسة، سترتبط بالعمل الجبار لقائد ثوري جديد، الذي وجدت أفكاره قوتها وفعاليتها في منابع لا تنضب من أفكار الشعب الصيني ونشاطه، تلك الأفكار التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من نظرية الاشتراكية العلمية، التي أسسها وجربها قبل ذلك كل من ماركس ولينين وستالين.

هكذا، وبعد سنتين من تقديم لينين لتقريره حول الدور التاريخي لشعوب الشرق في الثورة العالمية، سيولد في فاتح يوليوز 1921 في مدينة شنغهاي، الحزب الشيوعي الصيني.

هكذا، قرر 12 مندوبا يمثلون 56 مناضلا، من بين هؤلاء ظل إلى حدود المؤتمر العاشر للحزب، كل من ماو تسي تونغ و طونغ بي وي، هذا الأخير الذي تم انتخابه عضوا في المكتب السياسي في المؤتمر العاشر، تأسيس الحزب الشيوعي الصيني.

إن التطور اللاحق للحزب الشيوعي الصيني، والانتصارات الثورية الهائلة التي حققها الشعب الصيني تحت قيادته، تشهد بالملموس بأن ما يهم، قبل كل شيء، عند تأسيس الحزب الماركسي ــــــ اللينيني، ليس إطلاقا عدد المنتسبين إليه، أو نسبتهم بالمقارنة بمجموع عدد السكان، بل ما يهم عند تأسيس هذا النوع من الأحزاب الثورية هو خطه العام.

إن صحة الخط السياسي الضرورية لبناء حزب ماركسي ـــــ لينيني لا تظهر أبدا بشكل عفوي، وهذا ما يشهد عليه تاريخ الحزب الشيوعي الصيني، الذي لم يكن سوى تاريخ الصراعات الطبقية الحادة، التي تواجه فيها الخط الماركسي ــــــ اللينيني لماو تسي تونغ مع مختلف الخطوط الانتهازية اليمينية واليسارية داخل الحزب. وكلما انتصر الخط البروليتاري كان الحزب يدخل فترة جديدة إيجابية في بناء ذاته، ويتطور، وعندما كان الخط البورجوازي ينتصر كان الحزب يعرف فترة تراجع وانحلال.

I - المراحل الأساسية لبناء الحزب الشيوعي الصيني:

1) وضع الصين قبل ولادة الحزب الشيوعي الصيني (1840 – 1921)

ابتداء من 1840 تحولت الصين من مجتمع إقطاعي إلى مجتمع شبه استعماري شبه إقطاعي، فبدأ مسار الثورة الديموقراطية البورجوازية.

بمناسبة الذكرى العشرين لحركة 4 ماي 1919، كتب ماو يقول:

"إذا عدنا إلى مرحلتها الإعدادية سيظهر لنا أن الثورة الديموقراطية البورجوازية في الصين قد قطعت عدة مراحل خلال تطورها: "حرب الأفيون"، "حرب تايبينغ"، الحرب الصينية – اليابانية في 1894، الحركة الإصلاحية لسنة 1898، حركة ييهو توان، ثورة 1911، حركة 4 ماي ...".

بالفعل، فابتداء من 1840 "انبنى معسكر قوي للثورة الديموقراطية البورجوازية في الصين ضد الامبريالية والإقطاعية، تشكل المعسكر من الطبقة العاملة والطلبة والبورجوازية الوطنية الناشئة".

"منذ "حرب الأفيون"، كل المراحل المتوالية للثورة تمتلك كل منها خصائص محددة، وما يشكل اختلافاتها الأكثر أهمية هو تموضعها إما قبل أو بعد ظهور الحزب الشيوعي. ومع ذلك، منظور إليها في شموليتها، فكل هذه المراحل تظهر طابع ثورة ديموقراطية بورجوازية.

إن هذه الثورة تهدف إلى تأسيس نظام اجتماعي لم تعرفه الصين لحد الآن في تاريخها، نظام ديموقراطي، وهذا الأخير له سابق عليه هو المجتمع الإقطاعي ... وكخلف له المجتمع الاشتراكي. وإذا سؤلنا لماذا الشيوعي يجب عليه أن يناضل أولا من أجل بناء مجتمع ديموقراطي بورجوازي، وفقط بعد ذلك مجتمع اشتراكي سنجيب: إنه يتبع طريقا محددة من طرف التاريخ ...".

2) طفولة الحزب الشيوعي الصيني (1921 ــــــ 1927)

- الفترة الأولى:

تأسس الحزب الشيوعي الصيني في مدينة شنغهاي، المدينة العمالية، في 1 يوليوز 1921، وتمتد المرحلة الأولى في تاريخ بنائه من هذا التاريخ إلى غاية 1927. وتضم هذه المرحلة ابتداء من 1924: الحرب الأهلية الثورية الأولى، التي يسميها ماو تسي تونغ "الثورة الكبيرة الأولى"، وتنتهي هذه المرحلة بانتهاء أول جبهة متحدة مع حزب الكيومنتانغ، وذلك نتيجة خيانة شان كاي شيك، التي تعرض على إثرها الحزب الشيوعي الصيني لقمع عنيف ومجازر دموية.

لقد جاء في مقدمة ماو تسي تونغ لصدور مجلة "الشيوعي"، المحررة سنة 1939 ما يلي:

"في البداية، وإلى حدود وسط هذه المرحلة، كان لدى الحزب خط سديد، وكان أعضاؤه وكوادره ممتلئون بحماسة ثورية ... إلا أن الحزب مع ذلك، كان في طور الطفولة مفتقرا للتجربة في ثلاثة قضايا أساسية: الجبهة المتحدة، النضال المسلح وبناء الحزب، وكذلك غير مطلع بوضوح على الظروف التاريخية والاجتماعية للصين حول خصوصيات وقوانين الثورة الصينية، كما كان يفتقد فهما كاملا لوحدة النظرية الماركسية ـــــ اللينينية مع ممارسة الثورة الصينية.

خلال هذه المرحلة، طور الحزب تنظيماته لكن دون أن يعززها ودون أن يصلب أعضاءه وكوادره من وجهة النظر الإيديولوجية والسياسية. لقد استقطب عددا كبيرا من الأعضاء الجدد دون إعطائهم التربية الماركسية ـــــ اللينينية الضرورية. إن التجارب وفيرة في عمل الحزب، لكن دون أن يعرف كيفية تعميمها بالشكل المناسب. وقد تسرب صفوف الحزب العديد من الوصوليين ولم يتم تطهير الحزب منهم، فسقط الحزب في متاهة مخططات ومؤامرات أعدائه كما أصدقائه، كان ينقصه الحذر. كان هناك العديد من مناضليه النشيطين، اللذين أثبتوا وجودهم داخل الحزب، لكنه لم يستطع أن يجعل منهم عموده الفقري".

خلال هذه المرحلة، عقد الحزب خمس مؤتمرات، و هي : المؤتمر التأسيسي في 1 يوليوز 1921، و المؤتمر الثاني في يوليوز 1922 في مدينة شنغهاي (لم يحضر ماو هذا المؤتمر لعدم استطاعته الالتحاق بمكان المؤتمر)، وانعقد المؤتمر الثالث في كانتون في يونيو 1923، وقد استطاع ماو في هذا المؤتمر أن يمرر فكرة التحالف والجبهة المتحدة مع يسار الكومنتانغ، وتم انتخابه عضوا في اللجنة المركزية، وقد حضر هذا المؤتمر 12 مندوبا يمثلون 195 عضوا في الحزب داخل الصين كلها، وانعقد المؤتمر الرابع في يناير 1925، و عرف هذا المؤتمر انتصار خط تشان تو سيو اليميني، وتمت إزاحة ماو تسي تونغ من اللجنة المركزية. لقد حضر هذا المؤتمر 20 مندوبا يمثلون 980 شيوعيا.

وفي بداية أبريل 1927، قام شان كاي شيك بحل الجبهة المتحدة، التي يقودها حزب الكيومنتانغ مع الحزب الشيوعي بقيادة الأول، وهي الأطروحة التي كان يتبناها شان تو سيو (ما يسمى بخط شان تو سيو اليميني). وأطلق شان كاي شيك هجوما مفاجئا ودمويا ضد الشيوعيين خاصة في المدن (شنغهاي)، ورغم هذه المجزرة الدموية قام شان تو سيو بعقد المؤتمر الخامس في 27 أبريل 1927 في هان كوي، واستطاع أن يفرض على المؤتمر خطا استسلاميا عاما. حضر هذا المؤتمر 80 مندوبا يمثلون 57967 عضوا في الحزب. لم يحضر ماو هذا المؤتمر، الذي تبنى خطا انتهازيا يمينيا، الذي لم يستطع رغم ذلك منع القطيعة النهائية مع حزب الكيومنتانغ خلال نهاية يوليوز 1927، التي أعلنت نهاية المرحلة الأولى من بناء الحزب الشيوعي الصيني.

من الملاحظ أنه خلال هذه الفترة، ابتداء من 1925، فتحت أبواب الحزب على أساس خط سياسي يعطي القيادة للبورجوازية.

3) المرحلة الثانية في بناء الحزب الشيوعي الصيني (1927 ــــــ 1937)

تمتد هذه المرحلة من 1927 إلى 1937، وتشكل مرحلة أساسية في تصليب الحزب عبر صراع طبقي مكثف بين خطين وطريقين وإيديولوجيتين.

عرفت هذه المرحلة إنشاء "القاعدة الحمراء" في كيانغسي، وامتدت من 1930 إلى 1934، كما عرفت المرحلة "المسيرة الطويلة" (1934 ـــــ 1935)، وخلال هذه المرحلة انتقل الحزب من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، وذلك بفضل ماو تسي تونغ، الذي أصبح قائدا للحزب، ابتداء من ندوة تسونيي في 1935، وانطلاقا من هذه الندوة ستتحقق بلشفة الحزب الشيوعي الصيني، وعن هذه المرحلة يقول ماو تسي تونغ في المصدر أعلاه:

"إن المرحلة الثانية كانت هي مرحلة الحرب الثورية الزراعية. وبفضل التجربة المكتسبة خلال المرحلة الأولى، وبفضل فهم أفضل للظروف التاريخية والاجتماعية للصين، وكذلك لخصوصيات وقوانين الثورة الصينية، وبفضل كون أطرنا قد استوعبت بشكل أفضل النظرية الماركسية ـــــ اللينينية، وأصبحت قادرة بشكل أفضل على ربطها بممارسة الثورة الصينية، أصبح حزبنا قادرا على القيادة إلى النجاح، وخلال عشر سنوات، الثورة الزراعية. لقد خانت البورجوازية، لكن الحزب عرف كيف يعتمد بشكل حازم على الفلاحين، وتطورت تنظيماته من جديد وتعززت. لقد حاول العدو باستمرار ضرب حزبنا، الذي استطاع رغم ذلك أن يطرد المخربين، وظهر عدد جديد وكبير من الكوادر، اللذين أصبحوا العمود الفقري للحزب ... لكن، وخلال هذا النضال الكبير سقط بشكل نهائي، أو لبعض الوقت رفاق في مستنقع الانتهازية ... هكذا، كان بعض أعضاء القيادة في الحزب غير قادرين خلال كل هذه المرحلة على الحفاظ على خط سديد في ميدان السياسة والتنظيم، وخلال مدة تعرض الحزب والثورة إلى أضرار من طرف الانتهازية اليسارية، ولم ينخرط الحزب بشكل نهائي في طريق البلشفة، و وضع الأسس لانتصاره على الانتهازية اليمينية لتشانغ كو تاوو، ومن أجل بناء جبهة متحدة وطنية ضد اليابان، إلا بعد انعقاد ندوة تسونيي".

في 7 غشت 1927، تم استبدال تشان تو سيو ب شو شيو تاي، وهو انتهازي يساري، سيتم استبداله هو كذلك بانتهازي يساري آخر، اسمه لي لي سان خلال المؤتمر السادس المنعقد في موسكو من يوليوز إلى شتنبر 1928، وقد حضره 84 مندوبا يمثلون 40 ألف عضوا في الحزب تقريبا، ولم يشارك ماو تسي تونغ في هذا المؤتمر.

4) المرحلة الثالثة في بناء الحزب الشيوعي الصيني (1937 ــــــ 1945)

تتميز المرحلة الثالثة بكونها مرحلة تأسيس الجبهة الوطنية المتحدة المعادية لليابان. في سنة 1939، قام الحزب الشيوعي الصيني، بتقديم حصيلة لتجاربه التاريخية تم نشرها في مجلة "الشيوعي"، ومما جاء في الوثيقة ما يلي:

"معزز بتجربة مرحلتين سابقتين من الثورة، وبالاعتماد على تنظيمه الصلب، وقواه المسلحة، وبالاعتماد على تأثيره السياسي وسط كل الشعب، وبفهمه الأكثر عمقا لوحدة النظرية الماركسية ـــــ اللينينية وممارسة الثورة الصينية، قام الحزب، ليس فقط بتأسيس الجبهة المتحدة الوطنية المناهضة لليابان، بل شرع كذلك في حرب المقاومة.

وعلى المستوى التنظيمي، تجاوز الحزب حدوده الضيقة ليصبح حزبا كبيرا على الصعيد الوطني، كما أن قواته المسلحة تزايد أعدادها من جديد وتصلبت في النضال ضد الغزاة اليابانيين، وهكذا كبر تأثيره وسط الشعب. تلكم انتصارات عظيمة ...".

وعند تسطيره لخلاصات المراحل الثلاثة المدروسة، سطر ماو ما يلي:

"إن 18 سنة من التجربة أظهرت لنا أن الجبهة المتحدة والكفاح المسلح هما الوسيلتان الرئيسيتان للكفاح من أجل هزم العدو. إن الجبهة المتحدة هي جبهة من أجل قيادة الكفاح المسلح. أما الحزب فهو المكافح الجريء، الذي يستعمل هاتان الوسيلتان لمهاجمة مواقع العدو.

تلكم هي العلاقة المتبادلة بين الحزب، الجبهة المتحدة والكفاح المسلح. كيف سنقوم اليوم ببناء حزبنا؟

كيف يمكننا بناء حزب شيوعي صيني مبلشف ... حزب صلب جدا من وجهة نظر الإيديولوجيا والسياسة والتنظيم؟

من أجل الإجابة، علينا دراسة تاريخ حزبنا وبحث مسألة بناء الحزب في ارتباط مع بناء الجبهة المتحدة والكفاح المسلح، وبارتباط مع التحالف مع البورجوازية والنضال ضدها، ثم بارتباط مع متابعة حرب الأنصار ضد اليابان، وبناء القواعد المناهضة لليابان من طرف الجيش الثامن والجيش الرابع الجديد".

خلال المرحلة الثالثة لبناء الحزب الشيوعي الصيني، تم تحويل الجيش الأحمر (الذي تم تأسيسه خلال انتفاضة نانتشانغ في فاتح غشت 1927) إلى الجيش الثامن والجيش الرابع الجديد. تحت قيادة الحزب، قام الجنود الشعبيون بتحرير مناطق تضم 100 مليون من السكان، ثم قبل الانتصار النهائي على اليابان بقليل، انعقد المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الصيني في أبريل 1945 بيونان حضره 544 مندوبا و200 مرشح، يمثلون مليون و200 ألف عضوا، لقد كان المؤتمر انتصارا عظيما، جمع الحزب حول شخص ماو تسي تونغ، الذي قدم تقريره تحت عنوان "في حكومة الائتلاف" وذلك من أجل التهييء للظروف الأكثر ملائمة لانتصار ثورة "الديموقراطية الجديدة".

5) المرحلة الرابعة في تأسيس الحزب الشيوعي الصيني (1945 ــــــ 1949)

بعد استسلام اليابان في نهاية حرب المقاومة، انفتحت المرحلة الأخيرة المؤدية إلى انتصار ثورة الديموقراطية البورجوازية (ثورة من طراز جديد)، فانطلقت حرب التحرير الشعبية، التي امتدت من 1945 إلى 1949.

لقد كان الخط السياسي للحزب، الذي بلوره ماو تسي تونغ، يعتمد على المقولات التالية:

"استعملوا بجرأة الجماهير، وقوموا بتنمية قواها، وذلك من أجل، وتحت قيادة حزبنا، أن تضع حدا للمعتدي وتقوم ببناء صين جديدة".

عند هزيمة اليابان كان جيش التحرير الشعبي يضم مليون جندي، وانطلاقا من هذه القوة وتحت قيادة الحزب والرئيس ماو، وبدعم نشيط لأوسع الجماهير في المناطق المحررة، وكذلك في المناطق التي لا زالت خاضعة لاضطهاد العصابات التشانغكايتشيكية، استطاعت أن تحطم ثمانية ملايين من قوات العدو، والاستيلاء على الجزء الأكبر من أسلحتها من كل نوع، تلك الأسلحة التي وضعتها في أيديها الامبريالية الأمريكية. قام الجيش الشعبي للتحرير، الذي بناه الحزب الشيوعي الصيني وقاده بتحرير مجموع التراب الصيني باستثناء جزيرة تايوان، التي نادى إليها العملاء المجرمون لعصابة تشانغ كاي شك. هكذا خلق الوضع التاريخي الضروري ليتم التأسيس والإعلان عن ولادة الجمهورية الشعبية الصينية، لقد وقف الشعب الصيني على رجليه، كما قال ماو تسي تونغ في تاريخ الإعلان في بيكين.

في مقالته الشهيرة حول "الدكتاتورية الديموقراطية الشعبية" الصادرة في 30 يونيو 1949، قال ماو:

"حزب منضبط، مسلح بالنظرية الماركسية ـــــ اللينينية، يمارس النقد الذاتي، ومرتبط بالجماهير الشعبية، جيش يقوده حزب من هذا الطراز، جبهة متحدة لكل الطبقات الثورية، يقودها حزب من هذا النوع، إنها الأسلحة الثلاثة الرئيسية، التي عن طريقها استطعنا هزم العدو".

6) من الديموقراطية الجديدة إلى دكتاتورية البروليتاريا (1949 ـــــ 1953 ـــــ 1956)

لقد أظهرت التجربة التاريخية الصينية، أن بناء الحزب الماركسي ـــــ اللينيني، سواء على المستوى الإيديولوجي، السياسي أو التنظيمي، لا يمكن اعتبارها منتهية حتى في ظل سيادة نظام دكتاتورية البروليتاريا، ذلك أنها تظل خاضعة لصراع الخطين والطريقين بين الإيديولوجيتين الطبقتين المتعاديتين.

لقد كان ماو مستنيرا وحذرا عندما كتب قبل انتصار الثورة في 1949 ما يلي:

"قد يكون هناك من هؤلاء الشيوعيين، اللذين لم يستطع العدو المسلح هزمهم، وقد تصرفوا تجاه العدو كأبطال جديرين بهذا الاسم، لكنهم عاجزون عن مقاومة الرصاص المغلف بالسكر، فيسقطون تحت نيران هذا الرصاص".

بعد هذا القول، توجه ماو بالكلام إلى مجموع مناضلي الحزب:

"على الرفاق أن يظلوا متواضعين، حذرين، ألا يكونوا مدعين وطائشين في أسلوب عملهم، وليثابروا في أسلوب حياتهم البسيط، ونضالهم المستميت".

بعد 1949، تمظهر التناقض بين الطبقة العاملة والبورجوازية بشكل حاد في مسألة معرفة، هل يجب التوجه نحو دكتاتورية للبورجوازية أو نحو دكتاتورية البروليتاريا.

قام الحزب بتعبئة قوتين أساسيتين، الجيش الشعبي للتحرير، الذي يضم ملايينا من الجنود، واللذين تم استعمالهم في تعبئة القوة الثانية، الجماهير، وذلك للنهوض بالمهام العاجلة لبناء الوطن. وساند الجنود والجماهير الحركة من أجل الإصلاح الزراعي، مستمرين في النضال ضد القوى المضادة للثورة والرجعيين، كما قدموا دعما أمميا للشعب الكوري.

وخلال ثلاث سنوات، وبفضل نشاط الجماهير الحماسي تحت قيادة الحزب، خرج الاقتصاد الصيني من الفوضى، وانتقلت "الديموقراطية الجديدة" نحو "الديموقراطية الشعبية"، أي نحو دكتاتوريا البروليتاريا.

هكذا، وفي سنة 1953، وبإخلاص تام لنظرية لينين حول المرحلة الانتقالية، قام ماو تسي تونغ بتحديد الخط العام للحزب الشيوعي الصيني، وذلك بالدعوة إلى "التحقيق التدريجي، ولفترة طويلة بما يكفي، التصنيع الاشتراكي للبلد، والتحويل الاشتراكي من طرف الدولة للزراعة والصناعة التقليدية، وكذلك الصناعة والتجارة الرأسماليتين. لقد تم تحقيق هذه الأهداف بالنسبة للأساسي منها سنة 1956، رغم التقويض الممارس داخل الحزب و وسط السكان من طرف أنصار التطور المزعوم الضروري، من أجل تنمية القوى المنتجة الرأسمالية، وقد كان ليو شاو شي على رأس هذا الاتجاه.

7) الطريق الرأسمالي أم الطريق الاشتراكي 1956 ـــــ 1966

انعقد المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني في شتنبر 1956، وحضره 1026 مندوبا، يمثلون 10 ملايين و730 ألف عضوا. خلال هذا المؤتمر، استطاع أنصار الخط اليميني بقيادة ليو شا وشي أن يسربوا خطهم المساند للطريق الرأسمالي، ويعززوا مكانتهم داخل الحزب، فليس غريبا أن يعين ليو شا وشي رئيسا للحزب الشيوعي الصيني، فاستغل سلطته لإعطاء مناصب قيادة في الحزب إلى أنصاره، مجموعة من التحريفيين الخاضعين للبورجوازية وللخونة التحريفيين في موسكو.

إنها المرحلة التي ستظهر فيها في صفوف الحزب، خاصة بين صفوف الموظفين، اللذين يتحملوا مجموعة من المسؤوليات، وبين قادة ومجموعة من الأطر المسؤولة، ظاهرة التبرجز بشكل واسع، تبعها مباشرة قطيعة مع أوسع الجماهير الشعبية.

في 27 فبراير 1957، ألقى ماو تسي تونغ خطابا هاما تحت عنوان "في المعالجة الصحيحة للتناقضات في صفوف الشعب"، وخلال الدورة الثانية للمؤتمر الثامن (ماي 1958) استطاع ماو أن ينتصر واضعا خطا عاما لبناء الاشتراكية في الصين تحت شعار "القيام بكل المجهودات، السير إلى الأمام، كمية، سرعة، كيفية واقتصاد".

إن هذا الخط يوافق الانتصار، الذي تحقق في التحويل الاشتراكي للصناعة والزراعة والتجارة والصناعة التقليدية، وفي نفس الوقت، تم اعتماد هذا الانتصار المكتسب كدعامة من أجل تحقيق "قفزة إلى الأمام" بالنسبة للاقتصاد الصيني، لكن التحريفيين وأعداء الطبقة العاملة لم يتوقفوا عن تقويض الخط الصحيح لماو تسي تونغ والحزب الشيوعي الصيني، مستفيدين في ذلك من المواقع التي احتلوها داخل الحزب والدولة، وبدعم من التحريفية العالمية بقيادة الاتحاد السوفياتي. ولذلك عرفت هذه المرحلة صراعا طبقيا حادا بين خطين وطريقين وإيديولوجيتين "إيديولوجية البورجوازية وإيديولوجية البروليتاريا.

خلال الدورة العاشرة للجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الثامن، المنعقدة في شتنبر 1962، سيحاول ماو مرة أخرى انتقال إلى الهجوم، فأطلق شعاره التاريخي:"يجب عدم نسيان صراع الطبقات"

بدأ ماو يشتغل على الجانب الإيديولوجي للمعركة ضدا على الأطروحات اليمينية التحريفية، التي بدأت تستعمل الأدب والفنون كمجال لبث أطروحاتها الرجعية.

لقد تميزت المرحلة على المستوى الدولي بانتصار الخط التحريفي في الاتحاد السوفياتي، وانتشار ذلك في أوروبا الشرقية، و وسط أغلبية الأحزاب الشيوعية العالمية، وعرفت مجموعة من الدول الاشتراكية سابقا هزات ومظاهرات كان لها الأثر الكبير على مستقبل الحركة الشيوعية العالمية، وشكلت هذه التطورات مادة خصبة لتفكير ماو حول مستقبل الحركة الشيوعية العالمية بعد سقوط النموذج السوفياتي على يد جماعة من الخونة يتزعمهم نيكيتا خروتشوف.

عندما حانت ساعة الحقيقة، زف ماو تسي تونغ إلى العالم مشروعه الثوري حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. وعندما اندلعت هذه الأخيرة بعدما انتقل الخط الثوري إلى الهجوم، قام ماو تسي تونغ بنشر ملصقه الحائطي، الذي حمل عنوان "لنطلق النار على الأركان العامة".

دون الدخول في تفاصيل الثورة الثقافية الصينية (انظر المقالات الصادرة في موقع "الشرارة" حول هذا الموضوع) يمكن القول أن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى جاءت كضرورة ملحة من أجل تعزيز دكتاتورية البروليتاريا وتلافي عودة الرأسمالية وترسيخ الاشتراكية، وقد قام المؤتمر التاسع للحزب في أبريل 1969 بمحاولة ترسيخ انتصارات الثورة الثقافية، ولم يخرج عن هذا الاتجاه المؤتمر العاشر للحزب المنعقد في 24 غشت 1973، والذي سمي بمؤتمر الوحدة و انتصار خط ماو تسي تونغ.

 III - دروس التجربة الخاصة للحزب الشيوعي الصيني في بناء الحزب الماركسي ـــــ اللينيني:

يمكن تكثيف هذه الخلاصات لتجربة بناء الحزب في مجموعة من النقط:

1) ضرورة التمييز بين ما يقدم مصلحة عامة كونية وما يتميز بطابع خاص، بالنسبة للصين وبشكل عام بالنسبة لبناء حزب ماركسي ـــــ لينيني. والمقصود بالعام هي المبادئ الأساسية للماركسية ـــــ اللينينية، أما المقصود بالخاص هو الظروف الخاصة للثورة الصينية ولأي ثورة أخرى في العالم.

2) استخلاص دروس بناء الحزب الشيوعي الصيني على المستوى الإيديولوجي وعلى المستويين السياسي والتنظيمي، لكن سيكون أمرا تعسفيا وخاطئا القيام بترتيب هاته المستويات حسب معايير تناسب هذه المستويات الثلاث، ذلك أن كل خلاصة من هاته الخلاصات تتضمن في غالب الأحيان مضمونا ثلاثيا إيديولوجيا، سياسيا وتنظيميا.

3) مواجهة الدوغمائية ومحاربة محاولات نقل وتكرار التجارب.

يحكى أن ماو تسي تونغ، عندما استقبل وفدا من المناضلين الماركسيين – اللينينيين الأجانب، اللذين تحمسوا لكل ما رأوه وتعلموه خلال زيارتهم للصين، قدم لهم نصيحة مفادها هو أن عليهم نسيان كل هذا، عندما سيعودون إلى بلدانهم الخاصة، وذلك من أجل التركيز بشكل أساسي على دراسة وتحليل الظروف الخاصة لثوراتهم، لقد كان درسا ثمينا وذا أهمية خاصة، ذلك أنه عند ماو تسي تونغ ما يهم هو المبادئ الماركسية ـــــ اللينينية الأساسية، التي يجب تعلم تطبيقها على الواقع الخاص.

عند تقديمه لحصيلة الحزب الشيوعي الصيني خلال 18 سنة، كتب ماو تسي تونغ في مجلة "الشيوعي":

"منذ أن عقد حزبنا مؤتمره الأول في سنة 1921، انقضت منذ ذلك الحين 18 سنة ... منذ ثلاث سنوات يوجد في مرحلة الجبهة المتحدة الوطنية مع البورجوازية. ومن خلال العلاقات المعقدة مع هاته الأخيرة، تطورت الثورة والحزب الشيوعي في الصين. إن هاته الخاصية التاريخية، الخاصة بالثورة في بلد مستعمر وشبه مستعمر، يمكن أن نجدها في تاريخ أي ثورة في بلد رأسمالي".

ويواصل ماو في مكان أخر في نفس المقالة:

"من جهة أخرى، الصين بلد شبه مستعمر وشبه إقطاعي، حيث التطور السياسي والاقتصادي والثقافي غير متساو، بلد بمساحة شاسعة، حيث يسود اقتصاد شبه إقطاعي. ينتج عن هذا أن طابع الثورة الصينية في مرحلتها الحالية هو ثورة ديموقراطية بورجوازية موجهة بشكل رئيسي ضد الامبريالية والإقطاعية، ثورة تتشكل قواها المحركة الأساسية من البروليتاريا والفلاحين والبورجوازية الصغيرة المدينية، وتشارك فيها خلال بعض الفترات، وإلى حد ما، البورجوازية الوطنية، ينتج عن هذا كذلك، أن الشكل الرئيسي للنضال في ثورتنا هو الكفاح المسلح، يمكننا أن نقول جيدا، أن تاريخ حزبنا هو تاريخ الكفاح المسلح". "في الصين، كما يقول الرفيق ستالين، الثورة المسلحة تناضل ضد الثورة المضادة المسلحة، فهنا إحدى خصوصيات، وإحدى امتيازات الثورة الصينية" (ستالين، "آفاق الثورة الصينية").

بناء عليه، فإن الثورة الديموقراطية البورجوازية في الصين لها طابعان أساسيان:

1) تقوم البروليتاريا ببناء جبهة وطنية ثورية مع البورجوازية، وتقوم بحلها إذا فرض عليها ذلك.

2) إن الكفاح المسلح هو الشكل الرئيسي للثورة، وإذا لم نقم باعتبار علاقات الحزب مع الفلاحين والبورجوازية الصغيرة المدينية، كميزة أساسية، فذلك لأن هذه العلاقات هي من جهة، مبدئيا نفسها بالنسبة للأحزاب الشيوعية في العالم، ومن جهة أخر، فالكفاح المسلح في الصين، هو في العمق حرب فلاحية.

إن بناء الحزب الشيوعي الصيني قد تمت في ظروف خاصة، يقول ماو تسي تونغ في مقالته الشهيرة "لماذا يمكن أن توجد السلطة الحمراء في الصين"، والذي كتبه في 3 أكتوبر 1927، كرد على المشككين في ذلك، وكتبرير لنشوء القاعدة الحمراء في شمال شرق الصين، حيث كانت القاعدة الحمراء محاصرة من طرف السلطة البيضاء، سطر ماو شروط وجودها وتطورها وبقائها:

" لا يمكن أن ينتج في أي بلد امبريالي، ولا حتى في مستعمرة توجد تحت سيطرة مباشرة للإمبريالية، لا يمكن أن ينتج ذلك إلا في بلد متخلف اقتصاديا، شبه مستعمر كما هي الصين، التي توجد تحت سيطرة غير مباشرة للإمبريالية".

إن ملاحظة ماو تظل صحيحة بالنسبة للدول الامبريالية، لكن الوضع سيتغير بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انهارت الدول الامبريالية ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية، وانتصرت الثورة الصينية، وتحررت أوروبا الشرقية من الفاشية والنازية، فأصبح بإمكان المستعمرات تحت السيطرة المباشرة للامبريالية أن يخلق مناضلوها الشيوعيون مناطق محررة ويؤسسوا سلطا حمراء.

IV- خمسون سنة من النضال: ثمان خلاصات

بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني (في فاتح يوليوز 1971، أصدرت هيآت التحرير لثلاث صحف حزبية تابعة للحزب الشيوعي الصيني، افتتاحية بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب، تحت عنوان: ""لنحيي الذكرى الخمسين للحزب الشيوعي الصيني 1921-1971"، والصحف المعنية هي: renmin ribao ـــ Honqqi ــــ Jiefangjum bao) صدرت افتتاحية رصدت فيها أهم دروس وخبرات بناء الحزب الشيوعي الصيني، وذلك من خلال تقديم ثمان نقط أساسية، تعكس أهم تلك الدروس، وهي:

1 ــــ ضرورة التقيد بحزم بالمبدأ الإيديولوجي، الذي اتبعه الحزب المتمثل في تحقيق وحدة الحقيقة الكونية للماركسية ــــــ اللينينية مع الممارسة الملموسة للثورة الصينية ضمن مفهوم للعالم يقوم على المادية الجدلية والمادية التاريخية.

"على رفاق حزبنا أن يربطوا دراسة الماركسية ــــــ اللينينية بنقد التحريفية الحديثة القائمة داخل البلد وخارجه، تعلم التمييز، داخل النضال، بين الماركسية الحقيقية والماركسية المزيفة، والوصول فعلا إلى استيعاب الماركسية".

2 ـــــ "علينا خوض النضال بشكل سديد داخل الحزب، التمييز، وحل التناقضات ذات الطابع المختلف بشكل صحيح، التناقضات بيننا وبين أعدائنا والتناقضات في صفوف الشعب، تلك هي الضمانة الأساسية لتعزيز وحدة الحزب القائمة على قاعدة المبادئ الماركسية ـــــ اللينينية وأفكار ماو تسي تونغ، وذلك حتى يتمكن الحزب من قيادة البروليتاريا والجماهير الثورية، في نضال حتى النصر ضد العدو. من أجل هذا، يجب أن نطبق طريقة حل التناقضات مع كل رفيق سقط في الخطأ لتلافي تكراره ومعالجة الداء من أجل إنقاذ الإنسان".

3 ـــــ "يجب تجنب التكبر".

قال ماو:

"نحقق التقدم عندما نكون متواضعين، بينما التكبر يعود بنا إلى الوراء: لنجعل هذه الحقيقة حاضرة دائما في أذهاننا".

4 ــــ علينا الالتزام ب "نظرية النقطتين وليس نظرية النقطة الواحدة".

كل ظاهرة لا تقدم لنا فقط جانبا واحدا بل جانبين، الوجه الأول للعملة و وجهها الآخر، أي ضدها، فعلينا مثلا، عندما نحقق الوحدة، أن نستمر في الصراع. وإذا استمررنا في الصراع علينا ألا نتخلى عن الوحدة، بمعنى ربط الوحدة بالصراع، فهذا هو الموقف الصحيح الذي يسمح بتحقيق انتصار في بناء الجبهة المتحدة.

5 ــــ "علينا الالتزام بخط الجماهير" من خلال تطبيق مبدأ "الانطلاق من الجماهير من أجل العودة إليها"، "مركزة أفكار الجماهير وإعادتها إليها، وذلك من أجل أن يتم تطبيقها بحزم"، وفي نفس الوقت، تبني مبدأ "الاستقلال والحرية الذاتية، والاعتماد على قوانا الذاتية"، ذلك أنه لنا الثقة في أن "الشعب، والشعب وحده هو القوة المحركة وخالق التاريخ الكوني".

6 ـــــ "يجب الالتزام بالمركزية الديموقراطية".

"علينا أن نخلق داخل الحزب وخارجه مناخا سياسيا، تسود فيه في نفس الوقت، المركزية الديموقراطية، الانضباط والحرية، وحدة الإرادة، ولكل فرد نوفر حالة ذهنية ممزوجة بالارتياح والبهجة. إن حزبنا، حزب مكافح، والحال أنه بدون مركزية وبدون انضباط، وبدون وحدة إرادة سيكون من المستحيل عليه أن يهزم العدو، لكن، بدون ديموقراطية، لا يمكن أن تكون هناك مركزية سديدة، فلهذا السبب كان الرفيق ماو تسي تونغ يعارض استفراد شخص واحد بحق الكلمة، ويشجع الجميع عل إبداء رأيه، وكان يدعو إلى الصراحة في الحديث. وجعل من الممارسة الجريئة للنقد والنقد الذاتي إحدى الشروط المطلوبة، من أجل أن نكون المواصلين للقضية الثورية للبروليتاريا".

7 ــــ "علينا بناء جيش شعبي قوي".

"بدون جيش شعبي لا يملك الشعب شيئا"، "إن مبدأنا هو، الحزب يوجه البنادق، ومن غير المقبول أن توجه البنادق الحزب".

في كل وضعية محددة، علينا أخذ أسوء الحالات بعين الاعتبار، والاستعداد لمواجهتها، وإذا لم يحدث ذلك، فذلك أمر حسن، وإذا حدثت نكون قد توفرنا على أحسن استعداد من أجل انتصار.

8 ــــــ "يجب الالتزام بالأممية البروليتارية".

يقول ماو:

"حسب وجهة النظر اللينينية، فإن الانتصار النهائي لبلد اشتراكي يتطلب، ليس فقط، مجهودات البروليتاريا وأوسع الجماهير الشعبية في هذا البلد، بل يعتمد كذلك على انتصار الثورة العالمية، والقضاء على نظام استغلال الإنسان للإنسان، الذي يأتي بالتحرر للإنسانية جمعاء".

"مع ذلك، فحتى في بضع عشرات السنين، حينما تصبح الصين بلدا اشتراكيا قويا، علينا أن نحتاط دائما من كل غطرسة، تخلقها شوفينية الحزب الكبير (المقصود هنا علاقة الحزب الشيوعي الصيني بباقي الأحزاب الشيوعية الأخرى في العالم). علينا دائما أن نحتفظ في أذهاننا بتعاليم ماو: "في العلاقات الدولية، علينا نحن الصينيين تصفية شوفينية الدولة العظمى بحزم، وبشكل جذري وكامل وشامل".

في سياق الصراع الذي خاضه الحزب الشيوعي الصيني ضد تحريفية الحزب الشيوعي السوفياتي، وأمام الحركة الشيوعية العالمية، تقدمت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بوثيقة هامة تحت عنوان "اقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية"، وذلك سنة 1963.

تعرف هاته الوثيقة كذلك ب "وثيقة 25 نقطة"، ويقال أن ماو تسي تونغ أشرف على صياغتها بنفسه، وستصبح لاحقا إحدى الوثائق الأساسية للحركة الشيوعية العالمية الجديدة، إنها الحد الفاصل بين الشيوعيين الماركسيين ــــــ اللينينيين الثوريين والتحريفية العالمية بقيادة الاتحاد السوفياتي، وننقل هنا النقطة 24 من الوثيقة، التي تركز وجهة نظر الماركسيين ـــــ اللينينيين في مسألة الحزب الثوري للبروليتاريا.

"إنّ التجربة البالغة الأهمية التي جنتها الحركة الشيوعية العالمية هي أن تطوّر الثورة وانتصارها يرتكزان على وجود حزب بروليتاري ثوري.

لا بدّ من وجود حزب ثوري.

لا بدّ من وجود حزب ثوري مبني على أساس النظرية الثورية والأسلوب الثوري للماركسية اللينينية.

لا بدّ من وجود حزب ثوري يعرف كيف يمزج بين حقيقة الماركسية ــــ اللينينية العامة وبين الأعمال المحدّدة للثورة في بلاده.

لا بدّ من وجود حزب ثوري يعرف كيف يربط القيادة ربطا وثيقا بالجماهير الواسعة من الشعب.

لا بدّ من وجود حزب ثوري يثابر على الحقيقة ويصلح الأخطاء ويعرف كيف يباشر النقد والنقد الذاتي.

مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا والجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الاستعمار وعملائه ويكسب النصر التام في الثورة الوطنية الديمقراطية ويكسب الثورة الاشتراكية.

 وإذا لم يكن حزبا ماركسيّا ــــ لينينيّا بل حزبا تحريفيا، وإذا لم يكن حزبا طليعيا للبروليتاريا بل حزبا يسير خلف البرجوازية، وإذا لم يكن حزبا يمثّل مصالح البروليتاريا وجميع جماهير الشغيلة بل حزبا يمثّل مصالح الأرستقراطية العمالية، وإذا لم يكن حزبا أمميّا بل حزبا قوميّا، وإذا لم يكن حزبا بوسعه أن يستخدم عقله ويفكر لنفسه بنفسه ويحرز معرفة صحيحة لاتجاهات الطبقات المختلفة في بلاده نفسها، عن طريق البحث الجاد والدراسة ، ويعرف كيف يطبّق حقيقة الماركسية ــــ اللينينية العامة ويمزجها بالأعمال المحدّدة لبلاده ، إذا لم يكن هكذا ، بل كان حزبا يردّد كالببغاء كلمات الآخرين، وينقل الخبرة الأجنبية دون تحليل، ويندفع هنا وهناك استجابة لعصا إرشاد اشخاص معيّنين في الخارج، فإنّ حزبا كهذا يصبح خليطا من التحريفية والجمود العقائدي و كلّ شيء ما عدا المبدأ الماركسي ــــ اللينيني.

 من المستحيل تماما على حزب كهذا أن يقود البروليتاريا والجماهير الشعبية الواسعة إلى شنّ نضال ثوري وأن يكسب الثورة وأن يؤدّي الرسالة التاريخية العظيمة للبروليتاريا.

إنّ هذه مسألة على جميع الماركسيين ــــ اللينينيين وجميع العمّال الواعين طبقيّا وجميع الطليعيّين أن يفكّروا فيها تفكيرا عميقا".

علي محمود